للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبَك قد سمِع أنه مَن كفَر بحرفٍ منه فقد كفَر به كلِّه (١).

حدَّثنا يونسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أنْبَأنا ابنُ وهبٍ، قال: حدَّثنا يونسُ، عن ابنِ شِهابٍ، قال: أخْبَرَني سعيدُ بنُ المسيبِ أن الذي ذكَر اللَّهُ تعالى ذِكْرُه ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ [النحل: ١٠٣]. إنما افتَتَن أنه كان يَكْتُبُ الوحيَ، فكان يُمْلِي (٢) عليه رسولُ اللَّهِ : سمِيعٌ عليمٌ، أو عزيزٌ حكيمٌ، أو غير ذلك مِن خواتمِ الآيِ، ثم يَشْتَغِلُ عنه رسولُ اللَّهِ وهو على الوحيِ، فيَسْتَفْهِمُ رسولَ اللَّهِ فيقولُ: أعزيزٌ حكيمٌ، أو سميعٌ عليمٌ، أو عزيزٌ عليمٌ؟ فيقولُ له رسولُ اللَّهِ : "أيَّ ذلك كتَبْتَ فهو كذلك". ففتَنه ذلك، فقال: إنَّ محمدًا وكَل ذلك إليَّ فأَكْتُبُ ما شئتُ. وهو الذي ذكَر لي سعيدُ بنُ المسيبِ مِن الحروفِ السبعةِ.

حدَّثنا ابنُ حُمَيْدٍ، قال: حدَّثنا جريرٌ، عن مُغيرةَ، عن إبراهيمَ، عن عبدِ اللَّهِ قال: مَن كفَر بحرفٍ مِن القرآنِ أو بآيةٍ منه فقد كفَر به كلِّه (٣).

قال أبو جعفرٍ: فإن قال لنا قائلٌ: فإذْ (٤) كان تأويلُ قولِ النبيِّ : "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ". عندَك ما وصَفْتَ، بما عليه اسْتَشْهَدْتَ، فأوْجِدْنا حرفًا في كتابِ اللَّهِ مَقْرُوءًا بسبعِ لغاتٍ، فنُحَقِّقَ بذلك قولَك، وإلَّا، فإن لم تَجِدْ ذلك كذلك، كان معلومًا بِعَدَمِكَهُ صحّةُ قولِ مَن زعَم أن تأويلَ ذلك أنه نزَل بسبعةِ مَعانٍ؛ وهو الأمرُ، والنهيُ، والوعدُ، والوَعيدُ، والجَدَلُ، والقَصَصُ، والمثَلُ، وفسادُ قولِك. أو تقولَ في ذلك: إن الأحرفَ السبعةَ لغاتٌ في القرآنِ سبعٌ، مُتَفَرِّقةٌ


(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخه ١٨/ ١٧٤ من طريق ابن علية به.
وأخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ٥١٣ من طريق شعيب به. وينظر ما تقدم في ص ٢٧.
(٢) في ص، ت ١: "يُمِلّ". وهما بمعنًى.
(٣) تقدم في ص ٢٦، ٢٧ ضمن أثر طويل من طريق آخر عن ابن مسعود.
(٤) في ص: "فإن"، وفي م: "فإذا".