مِن الكفرِ به، وذلك أنه يقولُ في أثَرِه: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ﴾. وفى قيامِ الحُجَّةِ بأن لا شيءَ أعظمُ عندَ اللهِ مِن الكفرِ به، ما يُبِينُ عن خطأِ هذا القولِ.
وأما إذا رفع "الصدّ" بمعنى ما زعَم أنه الوجهُ الآخرُ -وذلك رفعُه بمعنى: وكبيرٌ صدٌّ عن سبيلِ اللهِ. ثم قيل: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ﴾ - صار المعنى إلى أن إخراجَ أهلِ المسجدِ الحرامِ مِن المسجدِ الحرامِ، أعظمُ عندَ اللهِ مِن الكفرِ باللهِ والصدِّ عن سبيلِه وعن المسجدِ الحرامِ. ومُتأوِّلُ ذلك كذلك داخَلَ مِن الخَطأِ مثلَ الذى دخَل فيه القائلُ القولَ الأوَّلَ؛ مِن تَصْييرِه بعضَ خِلالِ الكُفرِ أعظَمَ عندَ اللهِ مِن الكفرِ بعينِه، وذلك مما لا يُخِيلُ (١) على أحدٍ خَطؤُه وفسادُه.
وكان بعضُ أهلِ العربيةِ مِن أهلِ البصرةِ يقولُ القولَ الأوَّلَ في رفعِ "الصدّ"، ويَزْعُمُ أنه معطوفٌ به على "الكبير"، ويجعَلُ قولَه: ﴿وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ﴾. مرفوعًا على الابتداءِ. وقد بينَّا فسادَ ذلك وخطأَ تأويلِه.
ثم اخْتَلف أهلُ التأويلِ في قولِه: ﴿وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ﴾ هل هو مَنسوخٌ أم ثابتُ الحكمِ؟ فقال بعضُهم: هو منسوخٌ بقولِ اللهِ جل وعز: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: ٣٦]، وبقولِه: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ [التوبة: ٥].
ذِكْرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، قال: