للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال عطاءُ بنُ مَيْسرةَ: أحَلَّ القِتالَ في الشهرِ الحرامِ في "براءة" قولُه: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً﴾. يقول: فيهن وفى غيرِهن (١).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخْبَرنا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِىِّ، قال: كان النبىُّ فيما بَلَغنا يُحَرِّمُ القِتالَ في الشهرِ الحرامِ، ثم أُحِلَّ بعدُ (٢).

وقال آخرون: بل ذلك حكمٌ ثابتٌ لا يَحِلُّ القتالُ لأحدٍ في الأشهرِ الحُرُمِ بهذه الآيةِ؛ لأن اللهَ جعَل القتالَ فيه كبيرًا.

ذِكرُ مَن من قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ (٣)، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، [عن مجاهدِ] (٤)، قال: قُلْتُ لعطاءٍ: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾. قُلْتُ: ما لهم! وإذ ذاك لا يَحِلُّ لهم أن يَغْزوا أهلَ الشركِ في الشهرِ الحرامِ، ثم غَزَوهم بعدُ فيه، فحلَف لى عطاءٌ باللهِ: ما يَحِلُّ للناسِ أن يَغْزوا في الشهرِ الحرامِ، ولا أن يُقَاتِلوا فيه، وما يُسْتَحبُّ. قال: ولا يُدْعَون إلى الإسلامِ قبلَ أن يُقَاتَلوا، ولا إلى الجِزيةِ، تركوا ذلك (٥).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك ما قاله عطاءُ بنُ مَيْسرةَ، مِن أن النَّهْىَ عن قتالِ المشركين في الأشْهُرِ الحُرُمِ مَنْسوخٌ بقولِ اللهِ جل ثناؤُه: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٥٢ إلى ابن أبى داود.
(٢) تقدم تخريجه في ص ٦٥٧.
(٣) في النسخ: "الحسن". وتقدم على الصواب.
(٤) كذا في النسخ، ولعلها زيادة من الناسخ، وينظر مصدر التخريج.
(٥) تفسير الفخر الرازى ٦/ ٣١ عن ابن جريج، عن عطاء مختصرا.