للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك؛ لأن كلَّ لغةٍ مِن اللغاتِ السبعِ عندَه في كلمةٍ أو حرفٍ مِن القرآنِ، غيرُ الكلمةِ أو الحرفِ الذي فيه اللغةُ الأخرى.

وإذ كان ذلك كذلك، بَطل اعتلالُه لقولِه بقولِ مَن قال: ذلك بمنزلةِ "هلُمَّ"، و"تعالَ"، و"أقبلْ"؛ لأن هذه الكلماتِ هي ألفاظٌ مختلفةٌ يَجْمَعُها في التأويلِ معنًى واحدٌ. وقد أبْطَل قائلُ هذا القولِ الذي حكَيْنا قولَه اجتماعَ اللغاتِ السبعِ في حرفٍ واحدٍ مِن القرآنِ، فقد تبَيَّن بذلك إفسادُه (١) حجتَه لقولِه بقولِه، وإفسادُه (١) قولَه بحجتِه.

فقيل له: ليس القولُ في ذلك بواحدٍ مِن الوجهين اللذين وصَفْتَ، بل الأحرفُ السبعةُ التي أَنْزَل اللَّهُ بها القرآنَ هن لغاتٌ سبعٌ، في حرفٍ واحدٍ وكلمةٍ واحدةٍ، باختلافِ الألفاظِ واتفاقِ المعاني، كقولِ القائلِ: "هلم"، و"تَعالَ" و"أقْبِل"، و"إليَّ"، و"قَصْدي"، و"نحْوِي"، و"قُرْبِي"، ونحوِ ذلك مما تَخْتَلِفُ فيه الألفاظُ بضُروبٍ مِن المَنْطِقِ، وتَتَّفِقُ فيه المعاني، وإن اختلفتْ بالبيانِ به الألسنُ، كالذي رَوَينا آنفًا عن رسولِ اللَّهِ ، وعمّن رَوَيْنا ذلك عنه مِن الصحابةِ، أن ذلك بمنزلةِ قولِه (٢): "هلم"، و"تعال"، و"أقبل". وقولِه: ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً﴾، و (إلا زَقْيَةً).

فإن قال: ففي أيِّ كتابِ اللَّهِ نَجِدُ حرفًا واحدًا مَقْروءًا بلغاتٍ سبعٍ مختلفاتِ الألفاظِ مُتَّفِقاتِ المعنى، فنُسَلِّمَ لك صحةَ ما ادَّعَيْتَ مِن التأويلِ في ذلك؟

قيل: إنا لم نَدَّعِ أن ذلك موجودٌ اليومَ، وإنما أخْبرْنا أن معنى قولِ النبيِّ : "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ". على نحوِ ما جاءت به الأخبارُ التي تقَدَّم


(١) في ص، ت ١: "إفساد".
(٢) في م: "قولك"، وفي ت ١: "قولهم".