للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قال: حدَّثنا عبدُ العزيزِ بنُ محمدٍ الدَّرَاوَرْديُّ، عن عُمارةَ بنِ غَزِيَّةَ، عن ابنِ شِهابٍ، عن خارجةَ بنِ زيدِ بنِ ثابتٍ، عن أبيه زيدٍ، قال: لما قُتِل أصحابُ رسولِ اللَّهِ باليَمامةِ، دخَل عمرُ بنُ الخطَّابِ علَى أبي بكرٍ، فقال: إن أصحابَ رسولِ اللَّهِ باليمامةِ تَهافَتوا تَهافُتَ الفَراشِ في النارِ، وإني أَخْشَى ألا يَشْهَدوا موطنًا إلا فعَلوا ذلك حتى يُقْتَلوا - وهم حملةُ القرآنِ - فيَضِيعَ القرآنُ ويُنْسَى، فلو جَمَعْتَه وكتَبْتَه. فنفَر منها أبو بكرٍ، وقال: أَفْعَلُ ما لم يَفْعَلْ رسولُ اللَّهِ ! فتَراجَعا في ذلك، ثم أرْسَل أبو بكرٍ إلى زيدِ بنِ ثابتٍ، قال زيدٌ: فدخَلْتُ عليه، وعمرُ مُحْزَئِلٌّ (١)، فقال أبو بكرٍ: إن هذا قد دعاني إلى أمرٍ فأبَيْتُ عليه، وأنت كاتبُ الوحيِ، فإن تَكُنْ معه اتَّبَعْتُكما، وإن تُوافِقْني لا أَفْعَلْ. قال: فاقْتَصَّ أبو بكرٍ قولَ عمرَ، وعمرُ ساكتٌ، فنفَرْتُ مِن ذلك، وقلتُ: نَفْعَلُ ما لم يَفْعَلْ رسولُ اللَّهِ ؟ إلى أن قال عمرُ كلمةً: وما عليكما لو فعَلْتُما ذلك؟ قال: فذهَبْنا نَنْظُرُ، فقلْنا: لا شيءَ، واللَّهِ ما علينا في ذلك شيءٌ. قال زيدٌ: فأمَرَني أبو بكرٍ فكتَبْتُه في قِطَعِ الأُدُمِ وكِسَرِ الأكْتافِ والعُسُبِ (٢)، فلما هلَك أبو بكرٍ، وكان عمرُ، كتَب ذلك في صحيفةٍ واحدةٍ، فكانت عندَه، فلما هلَك كانت الصحيفةُ عندَ حفصةَ زوجِ النبيِّ ، ثم إن حذيفةَ بنَ اليمانِ قدِم مِن غزوةٍ كان غزاها في فرجِ (٣) إرْمِينِيَةَ، فلم يَدْخُلْ بيتَه حتى أتَى عثمانَ بنَ عفانَ، فقال: يا أميرَ المؤمنين،


(١) محزئل: أي منضم بعضه إلى بعضٍ، وقيل: مستوفز. النهاية ١/ ٣٧٩.
(٢) الأُدُم، جمع أديم: وهو الجلد المدبوغ. والأكتاف، جمع كتف: وهو عظم عريض خلف المنكب. والعُسُب، جمع عسيب: وهو جريدة النخل المستقيمة يكشف خوصها.
(٣) في ص: "مرج"، والفرج: الثغر المخوف.
وإرمينية جمهورية صغيرة من جمهوريات ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي، وتقع على حدود تركيا وإيران. ينظر: البلدان الإسلامية والأقليات الإسلامية في العالم المعاصر ص ٥٧٧.