للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقام خطيبًا، فقال: أنتم عندي تَخْتَلِفون فيه وتَلْحَنون، فمَن نأَى (١) عني مِن أهلِ الأمصارِ أشدُّ فيه اخْتِلافًا، وأشدُّ لَحْنًا، اجْتَمِعوا [يا أصحابَ] (٢) محمدٍ، فاكْتُبوا للناسِ إمامًا. قال أبو قِلابةَ: فحدَّثني [مالكٌ أبو أنسٍ] (٣)، قال: كنتُ في مَن يُمْلَى عليهم، قال: فربما اخْتَلَفوا في الآيةِ، فيَذْكُرُون الرجلَ قد تَلَقَّاها مِن رسولِ اللَّهِ ، ولعله أن يكونَ غائبًا، أو في بعضِ البَوادِي، فيَكْتُبون ما قبلَها وما بعدَها، ويَدَعُون موضعَها حتى يَجِيءَ أو يُرْسَلَ إليه، فلما فرَغ مِن المصحفِ، كتَب عثمانُ إلى أهلِ الأمصارِ: إني قد صنَعْتُ كذا وكذا، ومحَوْتُ ما عندي، فامْحُوا ما عندَكم (٤).

حدَّثني يونُسُ بن عبدِ الأعلى، قال: حدَّثنا ابن وهبٍ، قال: أخْبَرني يونُسُ، قال: قال ابنُ شهابٍ: أخْبَرني أنسُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ، أنه اجْتَمَع لغزوةِ أَذْرَبِيجانَ وإرْمِينِيَةَ أهلُ الشامِ وأهلُ العراقِ، فتَذاكَروا القرآنَ، فاخْتَلَفوا فيه حتى كاد يَكونُ بينَهم فتنةٌ، فركِب حذيفةُ بنُ اليَمانِ لمَّا رأَى اختلافَهم في القرآنِ إلى عثمانَ، فقال: إن الناسَ قد اخْتَلَفوا في القرآنِ (٥)، حتى إني واللَّهِ لَأَخْشَى أن يُصِيبَهم مثلُ ما أصاب اليهودَ والنصارى مِن الاختلافِ. قال: ففزِع لذلك فزعًا شديدًا، فأرْسَل إلى حفصةَ،


(١) في ر: "غاب".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢: "بأصحاب".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢: "أنس بن مالك". وفي المصاحف لابن أبي داود - وعنه الكنز (٤٧٧٦) -: "مالك بن أنس - قال أبو بكر بن أبي داود: هذا مالك بن أنس جد مالك بن أنس".
والصواب ما أثبتنا كما في "ر". وهو مالك بن أبي عامر الأصبحي - وهكذا ذكره الحافظ في الفتح ٩/ ١٩ عن ابن أبي داود - كان ممن قرأ في زمان عثمان، وكان يكتِّبه المصاحف. ينظر المصاحف ص ٢٦، وجمهرة أنساب العرب ص ٤٣٥، ٤٣٦ وتهذيب الكمال ٢٧/ ١٤٨.
(٤) أخرجه ابن أبي داود في المصاحف ص ٢١ من طريق ابن علية به. وعزاه المتقي الهندي في الكنز (٤٧٧٦) إلى ابن الأنباري. وينظر المتفق والمفترق للخطيب ١/ ١٢٩، ١٣٠.
(٥) في ت ٢: "القراءة".