للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: حوَّلتُ رحلى الليلةَ. قال: فلم يَرُدَّ عليه شيئًا، قال: فأوْحَى اللهُ إلى رسولِ اللهِ هذه الآيةَ ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ "أَقْبِلْ وأَدْبِر، واتَّقِ الدُّبُرَ والحيضةَ" (١).

حدَّثنا زكريا بنُ يحيى المصرىُّ، قال: ثنا أبو صالحٍ الحَرّانىُّ، قال: ثنا ابنُ لَهِيعةَ، عن يزيدَ بنِ أبى حَبيبٍ، أن عامرَ بنَ يحيى أخبَره، عن حَنَشٍ الصنعانىِّ، عن ابنِ عباسٍ، أن ناسًا مِن حِمْيرَ أَتَوْا إلى رسولِ اللهِ يسأَلونه عن أشياءَ، فقال رجلٌ منهم: يا رسولَ اللهِ، إنى رجلٌ أُجَبِّى (٢) النساءَ، فكيف تَرَى في ذلك؟ فأنْزَل اللهُ تعالى ذِكرُه في سورةِ "البقرة" بيانَ ما سأَلوا عنه، وأنْزَل فيما سأَل عنه الرجلُ: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾. فقال رسولُ اللهِ : "ائْتِها مُقْبِلةً ومُدْبِرَةً إذا كان ذلك في الفَرْجِ" (٣).

والصوابُ من القولِ في ذلك عندَنا قولُ مَن قال: معنى قولِه: ﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾: من أىِّ وجهٍ شِئتم. وذلك أن "أنَّى" في كلامِ العربِ كلمةٌ تَدُلُّ -إذا ابْتُدِئ بها في الكلامِ- على المسألةِ عن الوجوهِ والمذاهبِ، فكأنَّ القائلَ إذا قال لرجلٍ: أنَّى لك هذا المالُ؟ يريدُ: من أىِّ الوجوهِ لكَ. ولذلك يُجِيبُ المجيبُ فيه بأن يقولَ: مِن كذا


(١) أخرجه أحمد ٤/ ٤٣٤ (٢٧٠٣)، والترمذى (٢٩٨٠) عن الحسن بن موسى به، وأخرجه النسائى في الكبرى (٨٩٧٧)، وأبو يعلى (٢٧٣٦)، والخرائطى في مساوئ الأخلاق (٤٦٩)، وابن أبى حاتم في تفسيره ٢/ ٤٠٥ (٢١٣٤)، وابن حبان (٤٢٠٢)، والطبرانى (١٢٣١٧)، والبيهقى ٧/ ١٩٨، والبغوى في تفسيره ١/ ١٩٨ من طريق يعقوب به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٦٢ إلى عبد بن حميد وابن المنذر والضياء في المختارة.
(٢) في النسخ "أحب". وفى تفسير ابن أبى حاتم: "أجب". وليس المراد، ولفظ الأحاديث قبله دالة عليه، وينظر ص ٧٥٦.
(٣) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٢/ ٤٠٤ (٢١٣٠)، والخرائطى في مساوئ الأخلاق (٤٧٠)، والطحاوى في شرح معانى الآثار ٣/ ٤٣، والطبرانى (١٢٩٨٣) من طريق ابن لهيعة به.