للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويسْتَوْجِبون به (١) منه القُرْبَةَ، إلا مِن الوجهِ الواحدِ الذي أُنْزِل به كتابُهم، وذلك هو البابُ الواحدُ مِن أبوابِ الجنةِ الذي نزَل منه ذلك الكتابُ. وخصَّ اللَّهُ - جلَّ وعزَّ - نبيَّنا محمدًا وأمَّتَه بأن أَنْزَل عليهم كتابَه على أوجهٍ سبعةٍ مِن الوجوهِ التي يَنالُون بها رِضْوانَ اللَّهِ، ويُدْرِكون بها الفوزَ بالجنةِ إذا أقاموها، فكلُّ (٢) وجهٍ مِن أوجُهِه السبعةِ بابٌ مِن أبوابِ الجنةِ الذي نزَل منه القرآنُ؛ لأن العاملَ بكلِّ وجهٍ مِن أوجُهِه (٣) السبعةِ عاملٌ على (٤) بابٍ مِن أبوابِ الجنةِ، وطالبٌ مِن قِبَلِه الفوزَ بها، فالعملُ بما أمَر اللَّهُ جلَّ ذكرُه في كتابِه بابٌ مِن أبوابِ الجنةِ، وتركُ ما نهَى اللَّهُ عنه فيه بابٌ آخرُ ثانٍ مِن أبوابِها، وتحليلُ ما حَلَّل اللَّهُ فيه بابٌ ثالثٌ مِن أبوابِها، وتحريمُ ما حرَّم اللَّهُ فيه بابٌ رابعٌ مِن أبوابِها، والإيمانُ بمُحْكَمِه المُبَيَّنِ بابٌ خامسٌ مِن أبوابِها، والتسليمُ لمُتَشابِهِه الذي اسْتَأْثَر اللَّهُ بعلمِه وحجَب علمَه عن خلقِه، والإقرارُ بأن كلَّ ذلك مِن عندِ ربِّه، بابٌ سادسٌ مِن أبوابِها، والاعتبارُ بأمثالِه والاتعاظُ بعِظاتِه بابٌ سابعٌ مِن أبوابِها.

فجميعُ ما في القرآنِ مِن حروفِه السبعةِ وأبوابِه السبعةِ التي نزَل منها، جعَله اللَّهُ لعبادِه إلى رِضوانِه هاديًا، ولهم إلى الجنةِ قائدًا، فذلك معنى قولِه : "نزَل القُرآنُ مِن سبعةِ أبوَابٍ من (٥) الْجَنَّةِ".

وأما قولُه في القرآنِ: "إنَّ لكلِّ حَرْفٍ منه حَدًّا" (٦). يعني الكلِّ وجهٍ مِن


(١) سقط من: ص، م.
(٢) في م: "فلكل".
(٣) في ر، ت ١: "أوجهها".
(٤) في ص، م، ت ١: "في".
(٥) سقط من: ص، م.
(٦) تقدم في ص ٢٢.