للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له (١) جل ذكرُه: ﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل: ٦٤]. وقال: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران: ٧].

فقد تبَيَّن ببيانِ اللَّهِ جل ذكرُه أن مما أنْزَل اللَّهُ مِن القرآنِ على نبيِّه ما لا يُوصَلُ إلى علمِ تأويلِه إلا ببيانِ الرسولِ ، وذلك تأويلُ جميعِ ما فيه مِن وجوهِ أمرِه، واجبِه ونَدْبِه وإرشادِه، وصنوفِ نهيِه، ووظائفِ حقوقِه، وحدودِه، ومبالغِ فرائضِه، ومقاديرِ اللازمِ بعضَ خَلْقِه لبعضٍ، وما أشبه ذلك مِن أحكامِ آيهِ التي لم يُدْرَكْ علمُها إلا ببيانِ رسولِ اللَّهِ لأُمَّتِه. وهذا وجهٌ له لا يجوزُ لأحدٍ القولُ فيه إلا ببيانِ رسولِ اللَّهِ [له تأويلَه] (٢)، بنصٍّ منه عليه، أو بدَلالةٍ قد نصبَها دالَّةٍ أمَّتَه على تأويلِه.

وأن منه ما لا يَعْلَمُ تأويلَه إلا اللَّهُ الواحدُ القَهَّارُ، وذلك ما فيه مِن الخبرِ عن آجالٍ حادثةٍ، وأوقاتٍ آتِيةٍ؛ كوقتِ قيامِ الساعةِ، والنَّفْخِ في الصُّورِ، ونُزولِ عيسى ابنِ مريمَ، وما أشْبَهَ ذلك، فإن تلك أوقاتٌ لا يَعْلَمُ أحدٌ حدودَها، ولا يَعْرِفُ أحدٌ مِن تأويلِها إلا [بالخبرِ عن أشراطِها] (٣)، لاسْتِئْثارِ اللَّهِ بعلمِ ذلك على خلقِه.


(١) سقط من: م، ت ٢.
(٢) في م، ت ١: "بتأويله"، وفي ت ٢: "لتأويله".
(٣) في ص: "الخبر عن أشراطها"، وفي م، ت ١: "الخبر بأشراطها"، وفي ت ٢: "الخبر عن اشتراطها".