للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يَحِلُّ لكم أيُّها الرجالُ أن تأخُذوا مِن نسائِكم - إذا أنتم أردتُم طلاقَهن - لطلاقِكم وفراقِكم إياهنَّ، شيئاً مما أعطيتموهُنَّ من الصّداقِ، وسُقتُم إليهنَّ [من المهرِ] (١)، بل الواجبُ عليكم تسريحُهنَّ بإحسانٍ، وذلك إيفاؤُهنَّ حقوقَهنَّ من الصَّداقِ والمتعةِ وغيرِ ذلك مما يجبُ لهنَّ عليكم إلَّا أن يخافا ألا يُقيما حدودَ اللهِ.

واختلفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأه بعضُهم: ﴿إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ﴾. وذلك قراءةُ عُظْمِ أهلِ الحجازِ والبصرةِ (٢)، بمعنى: إلَّا أن يخافَ الرجلُ والمرأةُ ألا يقيمَا حدودَ اللهِ. وقد ذُكِر أن ذلك في قراءةِ أُبَيِّ بنِ كعبٍ: (إلَّا أنْ يَظُنَّا ألَا يُقيِما حُدودَ اللهِ).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزَّاقِ، قال: أخبَرنا مَعمرٌ، قال: أخبَرني ثورٌ، عن ميمونِ بنِ مِهرانَ، قال: في حرفِ أُبيٍّ أن الفداءَ تطليقةٌ. قال (٣): فذكَرتُ ذلك لأيوبَ، فأتينا رجلًا عندَه مصحفٌ قديمٌ لأبيٍّ خرَج من ثقةٍ، فقرَأناه فإذا فيه: (إلَّا أنْ يَظُنَّا ألَّا يُقِيما حُدودَ اللهِ، فإنْ ظَنَّا ألا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِه، لا تحلُّ له من بعدُ حتى تنكحَ زوجًا غيرَه) (٤).

والعربُ قد تضعُ الظَّنَّ موضعَ الخوفِ، والخوفَ موضعَ الظنِّ في كلامِها؛ لتقاربِ معنيَيْهما، كما قال الشاعرُ (٥):

أتانِي كَلامٌ عنْ نُصَيْبٍ يَقُولُهُ … ومَا خِفْتُ يا سَلَّامُ أنَّكَ عائبِي


(١) سقط من: ص، م.
(٢) وهي قراءة نافع وابن كثير وعاصم وابن عامر وأبي عمرو والكسائي وخلف. ينظر النشر ٢/ ١٧١.
(٣) القائل هو معمر كما في مصنف عبد الرزاق.
(٤) مصنف عبد الرزاق (١١٧٦٣).
(٥) هو أبو الغول الطُّهوي، والبيت في نوادر أبي زيد ص ٤٦، ومعاني القرآن للفراء ١/ ١٤٦.