للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمعنى: وما ظَننتُ.

وقرأه آخرون من أهلِ المدينةِ والكوفةِ: (إلَّا أنْ يُخافا) (١). فأما قارئُ ذلك كذلك من أهلِ الكوفةِ، فإنه ذُكِر عنه أنه قرَأه كذلك اعتبارًا منه بقراءةِ ابنِ مسعودٍ، وذُكِرَ أنه في قراءةِ ابنِ مسعودٍ: (إلَّا أنْ تَخافُوا ألَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) (٢). وقراءةُ ذلك كذلك اعتبارًا بقراءةِ ابنِ مسعودٍ التي ذُكِرتْ عنه خطأٌ، وذلك أن ابنَ مسعودٍ إن كان قرَأه كما ذُكِرَ عنه، فإنما أعملَ الخوفَ في "أنْ" وحدَها، وذلك غيرُ مدفوعةٍ صحتُه، كما قال الشاعرُ (٣):

إذَا مِتُّ فادْفِنِّي إلى أصْلِ (٤) كَرْمَةٍ … يُرَوِّي عِظامي بَعْدَ مَوتي عُرُوقُها

ولَا تَدْفِنَنِّى بالفَلاةِ فإنَّنِي … أخافُ إذَا ما مِتُّ أنْ لا أذُوقُها

فأمّا قارئُه: (إلَّا أن يُخافَا). بذلك المعنَى، فقد أعمَل الخوفَ (٥) في متروكةٍ (٦) تَسميتُه، وفي "أنْ"، فأعْمَله في ثلاثةِ أشياءَ (٧): المتروكِ الذي هو اسمُ ما لمْ يُسمَّ فاعلُه، وفي "أنْ" التي تنوبُ عن شيئين. ولا تقولُ العربُ في كلامِها: ظُنّا أنْ يقوما. لكنّ قراءةَ ذلك كذلك صحيحةٌ على غيرِ الوجهِ الذي قرَأهُ مَنْ ذكَرْنا قراءَتَه


(١) وهي قراءة أبي جعفر ويعقوب وحمزة. النشر ١/ ١٧١.
(٢) البحر المحيط ٢/ ١٩٧.
(٣) هو أبو محجن الثقفي، عمرو بن حبيب. والبيتان في معاني القرآن للفراء ١/ ١٤٦، وخزانة الأدب ٨/ ٣٩٨، ٣٩٩، ٤٠١، ٤٠٢، وهمع الهوامع ٢/ ٢.
(٤) في م: "جنب".
(٥) سقط من: ص، م.
(٦) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢: "متروكه".
(٧) بعده في الأصل: "أحدهما".