للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذلك، اعتبارًا بقراءةِ عبدِ اللهِ [التي وصَفْنَاها] (١)، ولكنْ على أن يكونَ مرادًا به إذا قُرئَ كذلك: إلا أن يُخافَا بألا يقيما حدودَ اللهِ. أو على ألا يقيما حدودَ اللهِ.

فيكونَ العاملُ في "أن" غيرَ "الخوفِ"، ويكونَ "الخوفُ" عاملًا فيما لم يُسمَّ فاعلُه. وذلك هو الصوابُ عندَنا من (٢) القراءةِ؛ لدلالةِ ما بعدَه على صحتِه، وهو قولُه: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ﴾ فكان بيِّنًا أن الأولَ بمعنى: إلَّا أن تَخافوا ألا يُقِيما حدودَ اللهِ.

فإن قال قائلٌ: وأيةُ حالٍ الحالُ التي يُخافُ عليهما ألا يُقِيما حدودَ اللهِ، حتى يَجوزَ للرجلِ أنْ يأخُذَ حينئذٍ منها ما آتاها؟

قيل: حالُ نُشوزِها وإظهارِها له بِغْضتَه، حتى يُخافَ عليها تركُ طاعةِ اللهِ فيما ألزَمها (٣) لزوجِها من الحقِّ، ويُخافَ على زوجِها بتقصيرِها في أداءِ حقوقه التي ألزَمها اللهُ له تركُه أداءَ الواجبِ لها عليه، فذلك حينَ الخوفِ عليهما ألا يُقيما حدودَ اللهِ فيُطِيعاه فيما ألزَمَ كلَّ واحدٍ منهما لصاحبِه، والحالُ التي أباحَ النبيُّ لثابتِ بنِ قيسِ بنِ شَمَّاسٍ أخذَ ما كان آتَى زوجَته إذْ نَشَزتْ عليه بُغضًا منها له.

كما حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلَى، قال: ثنا المعتمرُ بنُ سليمانَ، قال: قرأتُ على فُضيلٍ، عن أبي حَرِيزٍ (٤)، أنه سأل عكرمةَ: هل كان للخُلعِ أصلٌ؟ قال: كان ابنُ عباسٍ يقولُ: إنَّ أولَ خُلعٍ كان في الإسلامِ أختُ عبدِ اللهِ بنِ أبَىٍّ؛ أنها أتتْ رسولَ اللهِ ، فقالت: يا رسولَ اللهِ لا يجمَعُ رأسِي ورأسَه شيْءٌ أبدًا، إني رفَعتُ جانبَ الخِباءِ فرأيتُه أقبَل في عِدَّةٍ، فإذا هو أشدُّهم سوادًا، وأقصرُهم قامةً، وأقْبحُهم


(١) في ص، م: "الذي وصفنا".
(٢) في م: "في".
(٣) في م: "لزمها".
(٤) في النسخ: "جرير". وينظر تهذيب الكمال ١٤/ ٤٢٠.