للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَائحَةُ الجَنَّة" (١)

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو النُّعمانِ عارمٌ، قال: ثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوبَ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي أسماءَ الرحبيِّ، عن ثوبانَ، عن رسولِ اللهِ نحوَه (٢).

فإذ كان من وجوهِ افتداءِ المرأةِ نفسَها من زوجِها ما تكونُ به حَرِجةً، وعليها في افتدائِها نفسَها على ذلك الحَرجُ والجُناحُ، وكان من وجوهِه ما يكونُ الحرجُ والجُناحُ فيه على الرجلِ دونَ المرأةِ، ومنه ما يكونُ عليهما، ومنه ما لا يكونُ عليهما فيه حرجٌ ولا جُناحٌ، قيل في الوجهِ الذي لا حرجَ عليهما فيه: لا جُناحَ إذْ كانا فيما حاولا وقصَدا من افتراقِهما بالجُعْلِ الذي بذَلتْه المرأةُ لزوجِها لا جناحَ عليهما فيما افتدَتْ به من الوجهِ الذي أُبيحَ لهما، وذلك أن يخافا ألا يقيما حدودَ اللهِ بمقامِ (٣) كلِّ واحدٍ منهما على صاحبِه.

وقد زعَم بعضُ أهلِ العربيةِ (٤) أن في ذلك وجهين؛ أحدُهما، أن يكونَ مرادًا به: فلا جُناحَ على الرجلِ فيما افتدتْ به المرأةُ، دونَ المرأةِ. وإن كانا قد ذُكرا جميعًا، كما قال في سورةِ "الرحمنِ": ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾. [وإنَّما يَخْرُجُ - زعَم - اللؤْلُؤُ والمَرْجانُ] (٥) من المِلحِ لا مِن العذْبِ. قال: ومِثلُه: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا﴾ [الكهف: ٦١] وإنما النّاسي صاحبُ موسى وحدَه. قال:


(١) أخرجه الترمذي (١١٨٧) عن ابن بشار به، وأخرجه أحمد ٥/ ٢٧٧ (الميمنية) عن ابن علية به.
(٢) أخرجه الدارمي ٢/ ١٦٢، وابن ماجه (٢٠٥٥) عن أبي النعمان به، وأخرجه أحمد ٥/ ٢٨٣ (الميمنية)، وأبو داود (٢٢٢٦)، والحاكم ٢/ ٢٠٠، والبيهقي ٧/ ٣١٦ من طريق حماد بن زيد به.
(٣) في الأصل، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مقام".
(٤) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ١٤٧.
(٥) سقط من: ص، وفي م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وهما".