للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخبرَ عن عددِ الأيامِ والسنينَ، وإنما تَعْنِي بذلك الإخبارَ عن الوقتِ الذي كان فيه المخبَرُ عنه، فجاز أن يَنْطِقَ بالحَوْلَيْن واليومَيْن على ما وَصَفْتُ قبلُ (١)؛ لأن معنى الكلامِ في ذلك: فعلْتُه إذ ذاك، وفي ذلك الوقتِ. فكذلك قولُه: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾. لمّا كان الرَّضاعُ في الحَولَيْن وليسا بالحَوْلَيْن - فكان الكلامُ، لو أُطلِق في ذلك بغيرِ تبيينِ (٢) الحَولَيْن بالكمالِ، وقيل: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ﴾. محتمِلًا أن يكونَ مَعْنِيًّا به حولٌ وبعضُ آخَرَ - نَفَى اللَّبْسَ عن سامِعيه بقولِه: ﴿كَامِلَيْنِ﴾. أن يكونَ مرادًا به حولٌ وبعضُ آخَرَ، وأُبِين بقولِه: ﴿كَامِلَيْنِ﴾. عن وقتِ تمامِ حدِّ الرَّضاعِ، وأنه تمامُ الحَولَيْن بانقضائِهما دونَ انقضاءِ أحدِهما وبعضِ الآخرِ.

ثم اختلَف أهلُ التأويلِ في الذي دَلَّتْ عليه هذه الآيةُ مَن مبلغِ غايةِ رَضاعِ المولودِين، أهو حدٌّ لكلِّ مولودٍ، أو هو حدٌّ لبعضٍ دونَ بعضٍ؟ فقال بعضُهم: هو حدٌّ لبعضٍ دونَ بعضٍ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ الوهابِ، قال: ثنا داودُ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ في التي تَضَعُ لستةِ أشهرٍ أنها تُرضِعُ حَولَيْن كاملَيْن، وإذا وَضَعَت لسبعةِ (٣) أشهرٍ أَرْضَعَتْ ثلاثةً وعشرين لتمامِ ثلاثين شهرًا، وإذا وضعَت لتسعةِ أشهرٍ أَرضعَت واحدًا وعشرين شهرًا (٤).


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قيل".
(٢) في النسخ: "تضمين". والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٣) في ص: "لستة".
(٤) أخرجه الطحاوي في المشكل ٧/ ٢٩١، ٢٩٢ عقب (٢٨٦٠)، وابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تفسير ابن كثير ٧/ ٢٦٤، والحاكم ٢/ ٢٨٠، والبيهقي ٧/ ٤٤٢، ٤٦٢، من طريق داود بن أبي هند به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٨٨ إلى سعيد بن منصور وابن المنذر.