للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن آيِه واليسيرَ مِن حروفِه، كان إنما أُنْزِل إليه الذكرُ ليتْرُكَ للناسِ (١) بيانَ ما نزِّل إليهم، لا ليُبَيِّنَ لهم ما أُنْزِل إليهم.

وفي أمرِ اللَّهِ جل ثناؤُه نبيَّه ببلاغِ ما أَنزَل إليه، وإعلامِه إياه أنه إنما نزَّل إليه ما أَنْزَل ليُبَيِّنَ للناسِ ما نُزِّل إليهم، وقيامِ الحجةِ على أن النبيَّ قد بلَّغ [وأدَّى] (٢) ما أمَره اللَّهُ ببلاغِه وأدائِه على ما أمَره به، وصحةِ الخبرِ عن عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ بقيلِه (٣): كان الرجلُ منا إذا تعَلَّم عشْرَ آياتٍ لم يُجاوِزْهن حتى يَعْلَمَ مَعانِيَهن والعملَ بهنَّ (٤) - ما يُنْبِئُ عن جهلِ مَن ظنَّ أو توَهَّم أن معنى الخبرِ الذي ذكَرْنا عن عائشةَ عن رسولِ اللَّهِ أنه لم يكنْ يُفَسِّرُ مِن القرآنِ شيئًا إلا آيًا بعددٍ، هو أنه لم يكنْ يُبَيِّنُ (٥) لأمتِه مِن تأويلِه إلا اليسيرَ القليلَ منه.

هذا مع ما في الخبرِ الذي رُوِي عن عائشةَ مِن العلةِ التي في إسنادِه التي لا يَجوزُ معها الاحتجاجُ به لأحدٍ ممَّن علِم صحيحَ سندِ الآثارِ وفاسدَها في الدينِ؛ لأن راويَه ممَّن لا يُعْرَفُ في أهلِ (٦) الآثارِ، وهو جعفرُ بنُ محمدٍ الزُّبيريُّ (٧).

وأما الأخبارُ التي ذكَرْناها عمَّن ذكَرْناها عنه مِن التابعين بإحْجامِه عن التأويلِ، فإن فعْلَ مَن فعَل ذلك منهم، كفعْلِ مَن أحْجَم منهم عن الفُتْيا في النَّوازلِ والحوادثِ، مع إقرارِه بأن اللَّهَ جلّ ثناؤُه لم يَقْبِضْ نبيَّه إليه إلا بعدَ إكمالِ (٨) الدينِ به


(١) في ر: "الناس".
(٢) في م: "فأدى".
(٣) في م: "لقيله".
(٤) تقدم تخريجه في ص ٧٤.
(٥) في ر: "بين".
(٦) سقط من: ر.
(٧) ينظر ما تقدم في ص ٧٩.
(٨) في ر: "كمال".