للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عقدةُ نكاحِها؟

ثم يُعْكَسُ القولُ عليه في ذلك، ويُسْألُ الفرقَ بينَه وبيَن عفوِ سائرِ الأولياءِ غيرِه.

وإن قال: لبعضٍ دون بعضٍ. سُئِل البُرهانَ على خصوصِ ذلك، وقد عمَّه اللهُ تعالى ذكرُه فلم يَخْصُصْ بعضًا دونَ بعضٍ. ويُقالُ له: مَن المَعْنيُّ به إن كان المرادُ بذلك بعضَ الأولياءِ دونَ بعضٍ؟

فإن أوْمَأ في ذلك إلى بعضٍ منهم، سُئِل البرهانَ عليه، وعُكِس القولُ فيه، وعُورِض في قولِه ذلك بخلافِ دَعواه، ثم لن يقولَ في ذلك قولًا إلا أُلزِم في الآخرِ مثلَه.

فإن ظنَّ ظانٌّ أن المرأةَ إذا فارَقَها زوجُها، فقد بطَل أن يكونَ بيده عُقْدةُ نكاحِها، واللهُ تعالى ذكرُه إنما أجاز عفوَ الذي بيدِه عقدة نكاحِ المطلَّقةِ، فكان معلومًا بذلك أن الزوجَ غيرُ مَعنيٍّ به، وأن المعنيَّ به هو الذي بيدِه عُقْدةُ نكاحِ المطلَّقةِ بعدَ بَيْنونتِها من زوجِها، وفي بُطولِ ذلك أن يَكونَ حينَئذٍ بيدِ الزوجِ صحةُ القولِ أنه بيدِ الوليِّ الذي إليه عقدُ النكاحِ إليها، وإذا كان ذلك كذلك، صحَّ القولُ بأن الذي بيدِه عُقْدةُ النكاحِ هو الوليُّ - فقد أغفَل وظنَّ خطأً. وذلك أن معنى ذلك: أو يَعْفُوَ الذي بيدِه عُقدةُ نكاحِه. وإنما أُدْخِلَت الألفُ واللامُ في "النكاحِ" بدلًا مِن الإضافةِ إلى الهاءِ التي كان "النكاح" - لو لم يكونا (١) فيه - مضافًا إليها، كما قال اللهُ تعالى ذكرُه: ﴿فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤١]. بمعنى: فإن الجنةَ هي (٢) مأواه. وكما قال نابغةُ بنى ذُبْيانَ (٣):


(١) في م: "تكن أل".
(٢) زيادة من: ت ١.
(٣) ديوانه ص ٥٦.