للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم شِيمةٌ لم يُعْطِها اللهُ غيرَهم … مِن الناسِ فالأحلامُ غيرُ عَوازِبِ

بمعنى: فأحْلامُهم غيرُ عَوازبَ. والشواهدُ على ذلك أكثرُ مِن أن تُحْصَى.

فتأويل الكلامِ: إلا أن يَعْفُونَ، أو يَعْفُوَ الذي بيدِه عقدةُ النكاحِ، وهو الزوجُ الذي بيدِه عُقْدةُ نكاحِ نفسِه في كلِّ حالٍ، قبلَ الطلاقِ وبعدَه. [لا أنّ] (١) معناه: أو يَعْفُوَ الذي بيدِه عُقْدةُ نكاحِهن، فيَكونُ تأويلُ الكلامِ ما ظنَّه القائلون أنه الوليُّ، وليُّ المرأةِ؛ لأن (٢) وليَّ المرأةِ لا يَمْلِكُ عُقدة نكاحِ المرأةِ بغيرِ إذنِها إلا في حالِ طفولتِها، وتلك حالٌ لا يَمْلِكُ العقدَ عليها إلا بعضُ أوليائِها في قولِ أكثرِ من رأَى أن الذي بيدِه عُقْدةُ النكاحِ الوليُّ، ولم يَخْصُصِ الله تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ لله بعضًا منهم فيجوزَ توجيهُ التأويلِ إلى ما تأوَّلُوه، لو كان لِمَا قالوا في ذلك وجهٌ.

وبعدُ، فإن الله تعالى ذكرُه إنما كنَى بقولِه: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ عن ذكرِ النساءِ اللاتي قد جرَى ذكرُهن في الآيةِ قبلَها، وذلك قولُه: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾. والصَّبايا لا يُسَمَّين نساءً، وإنما يُسَمَّينْ صَبايا أو جَوارىَ، وإنما النساءُ في كلامِ العربِ جمعُ (٣) اسمِ المرأةِ، ولا تقولُ العربُ للطفلةِ والصبيةِ والصغيرةِ امرأةٌ، كما لا تقولُ للصبيِّ الصغيرِ رجلٌ.

وإذ كان ذلك كذلك، وكان قولُه: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ عندَ الزاعِمِين أنه الوليُّ، إنما هو: أو يعفوَ الذي بيدِه عقدةُ النكاحِ عما وجَب لوليتِه


(١) في م: "لأن".
(٢) في م: "لا أن".
(٣) في ص، ت ٢: "أجمع".