للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتادةَ في قولِه: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ﴾: إِن النبيَّ قال لأصحابِه يومَ بدرٍ: "أنتم بعِدَّةِ أصحابِ طالوتَ ثَلاثُمائةٍ". قال قتادةُ: وكان مع النبيِّ يومَ بدرٍ ثلاثُمائةٍ وبضعَةَ عشَرَ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: الذين لم يأخُذوا الغُرْفةَ أقوى من الذين أخَذوا، وهم الذين قالوا: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

ويجِبُ على القولِ الذي رُوِى عن البَراءِ بن عازبٍ أنه لم يُجاوزِ النَّهَرَ مع طالوتَ إلا عدةُ أصحابِ بدرٍ، أن يكونَ كلا الفريقَين اللذَين وصَفَهما اللهُ بما وصَفهما به، أمرُهما على نحوِ ما قال فيهما قتادةُ وابنُ زيدٍ.

وأولى القولَين في [ذلك بتأويلِ الآيةِ] (٢)، ما قاله ابن عباسٍ والسُّدِّيُّ وابنُ جُرَيجٍ. وقد ذكَرنا الحُجَّةَ في ذلك فيما مَضَى قبلُ آنِفًا.

وأما تأويلُ قولِه: ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ﴾. فإنه يعنى: قال الذين يعلَمون ويَسْتيقِنون أنهم ملاقو اللَّهِ.

حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ﴾: الذين يَسْتيقِنون (٣):

فتأويلُ الكلامِ: قال الذين يُوقِنون بالمَعادٍ، ويُصَدِّقون بالمَرْجِعِ إلى اللهِ، للذين قالوا: ﴿لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾: ﴿كَمْ مِنْ فِئَةٍ


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٠١. وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٤٣٣ سندًا ومتنًا مختصرًا.
(٢) في م: "تأويل الآية"، وفى س: "ذلك بالتأويل".
(٣) تقدم تخريجه بتمامه في ص ٤٤٢، أخرج هذا الجزء ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٧٦ (٢٥١٨) من طريق عمرو به.