للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَلِيلَةٍ﴾. يعنى بـ ﴿كَمْ﴾ كثيرًا، غلَبَت فئةٌ قليلةٌ فئةً كثيرةً ﴿بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. يعنى: بقضاءِ اللهِ وقَدَرِه، ﴿وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. يقولُ: مع الحابِسِين أنفسَهم على رضاه وطاعتِه.

وقد أتَينا على البَيانِ عن وجوهِ الظَّنِّ، وأن أحدَ معانيه العلمُ اليقينُ، بما يدُلُّ على صحةِ ذلك فيما مَضَى، فكَرِهنا إعادتَه (١).

وأما الفِئَةُ فإنهم الجماعةُ من الناسِ، لا واحدَ له من لفظِه، وهو مثلُ الرَّهْطِ والنَّفَرِ، يُجْمَعُ (٢) "فِئات"، و"فِئونَ" في الرفعِ، و"فِئينَ" في النصبِ والخَفضِ، بفتحِ نونِها في كلِّ حالٍ، و"فِتينُ" بالرفعِ بإعرابِ نونِها بالرفعِ، وتَرْكِ الياءِ فيها، وفى النصبِ "فِئينًا"، وفى الخَفْضِ "فِئينٍ"، فيكونُ الإعرابُ في الخفضِ والنصبِ في نونِها، وفى كلِّ ذلك مُقَرَّةٌ فيها الياءُ على حالِها، فإن أُضِيفت قيل: هؤلاء [فِئينُك. بإقرارِ] (٣) النونِ وحَذْفِ التنوينِ، كما قال الذين لغتُهم: هذه سنينٌ، في جميعِ السنةِ: هذه سنينُك. بإثباتِ النونِ وإعرابِها، وحَذْفِ التنوينِ منها للإضافةِ، وكذلك العملُ في كلِّ منقوصٍ، مثلَ: مائةٌ وثُبَةٌ وقُلَةٌ (٤) وعِزَةٌ. فأما ما كان نقصُه من أولِه، فإن جَمْعَه بالتاءِ، مثلَ: عِدَةٌ وعداتٌ، وصِلةٌ وصِلاتٌ.

وأما قولُه: ﴿وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. فإنه يعنى: واللَّهُ مُعِينُ الصَّابِرين على الجهادِ في سبيلِه، وغيرِ ذلك من طاعتِه، وظهورِهم (٥) ونصْرِهم على أعدائِه


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٦٢٣ وما بعدها.
(٢) في م: "جمعه".
(٣) في س: "فيئك بإضمار".
(٤) القلة: عود صغير غليظ الوسط دقيق الطرفين يرمى على الأرض ثم يهمز بالمقلى فيرتفع في الهواء قليلا، فيضرب بالمقلى ضربة قوية، فينطلق كالسهم ويجرى الصبيان وراءه.
(٥) في ص: "ظهيرهم"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "طهرهم"، وفى س: "ظهرهم".