للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

داودُ جالوتَ.

وفى هذا الكلامِ متروكٌ، تُرِك ذكرُه اكتفاءً بدلالةِ ما ظهَر منه عليه، وذلك أن معنى الكلامِ: ولمَّا برَزوا لجالوتَ وجنودِه، قالوا: ربَّنا أفرِغْ علينا صبرًا وثبِّتْ أقدامَنا وانصُرْنا على القومِ الكافرين، فاستجاب لهم ربُّهم، فأفرَغ عليهم صبرَه، وثبَّتَ أقدامَهم ونصَرهم على القومِ الكافرين، فهَزَموهم بإذنِ اللهِ. ولكنه ترَك ذكْرَ ذلك اكتفاءً بدلالةِ قولِه: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾. على أن الله قد أجاب دعاءَهم الذي دَعَوه به.

ومعنى قولِه: ﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾: قتَلوهم (١) بقضاءِ اللَّهِ وقَدَرِه، يقالُ منه: هزَم القومُ الجيشَ هزيمةً وهِزِّيمَى. ﴿وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ﴾. وداود هذا، هو داودُ بنُ إيشى (٢) نبيُّ اللهِ .

وكان سببَ قتلِه إياه كما حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبد الرزاقِ، قال: أخبَرنا بَكَّارُ بنُ عبدِ اللهِ، قال: سمِعتُ وهبَ بنَ منبهٍ يُحدِّثُ، قال: لمَّا خرَج - أو قال: لمَّا بَرَز - طالوتُ الجالوتَ، قال جالوتُ: أبْرِزوا لى مَن يُقاتِلُنى، فإن قتَلنى فلكم مُلْكِى، وإن قتَلْتُه فلى مُلْكُكم. فأُتِى بداودَ إلى طالوتَ، فَقاضاه إن قتَله أن يُنكِحَه ابنتَه، وأن يُحَكِّمَه في مالِه، فألبَسه طالوتُ سلاحًا، فكَرِه داودُ أن يقاتِلَه بسلاحٍ (٣)، وقال: إنِ اللهُ لم يَنصُرْنى عليه لم يُغْنِ السلاحُ. فخرَج إليه بالمِقْلاعِ وبمِخْلاةٍ فيها أحجارٌ، ثم برَز له، قال له جالوتُ: أنت تُقاتِلُنى؟ قال داود: نعم.


(١) كذا في النسخ، ولعل الصواب: فلُّوهم. فالهزيمة في الحرب لغة: الكسر والفَلُّ لا القتل. ينظر اللسان (ف ل ل، هـ ز م). وكذا غيّرها الشيخ شاكر.
(٢) وهو كذلك في تاريخ الطبرى ١/ ٤٧٦. وفى الأصحاح السابع عشر من سفر صموييل: يَسَّى.
(٣) سقط من النسخ، والمثبت من مصدرى التخريج.