للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد دلَّلْنا فيما مضى على تأويلِ قولِ اللهِ جلّ ثناؤه: ﴿اللَّهُ﴾ (١).

وأما تأويلُ قولِه: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾. فإن معناه النَّهيُ عن أن يُعبدَ شيءٌ غيرُ اللهِ الحيِّ القَيُّومِ، الذي صفَتُه ما وصَف به نفسَه تعالى ذكرُه في هذه الآيةِ، يقولُ: اللهُ الذي له عبادةُ الخلقِ، الحيُّ القيومُ، لا إلهَ سواه، لا معبودَ سواه. يعني: فلا تعبُدوا شيئًا سوى (٢) الحيِّ القيُّومِ الذي لا تأخُذُه سِنةٌ ولا نومٌ، والذي صفتُه ما وصَف في هذه الآيةِ.

وهذه الآيةُ إبانةٌ من اللهِ جلّ ثناؤه للمؤمنين به وبرسولِه، عما جاءتْ به (٣) المختلِفين (٤) البيناتُ من بعدِ الرسلِ التي (٥) أخبَرَنا تعالى ذكرُه أنه فضَّل بعضَهم على بعضٍ. واختلَفوا فيه، فاقتتلُوا فيه كفرًا به من بعضٍ، وإيمانًا به من بعضٍ، فالحمدُ للهِ الذي هدانا للتصديقِ به، ووفَّقَنا للإقرارِ به.

وأما قولُه: ﴿الْحَيُّ﴾. فإنه يَعنِي: الذي له الحياةُ الدائمةُ، والبقاءُ الذي لا أوّلَ له بحَدٍّ (٦)، ولا آخرَ له بأمدٍ (٧)، إذ كلُّ ما سواه فإنه وإنْ كان حيًّا فلِحياتِه أَوَّلٌ محدودٌ، وآخرٌ مَمْدودٌ (٨)، يَنْقَطِعُ بانقطاعِ أمدِها، وينقَضِى بانقضاءِ غايتِها.

وبما قلْنا في ذلك قال جماعةُ أهلِ التأويلِ.


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ١٢١.
(٢) في م: "سواه".
(٣) بعده في م: "أقوال".
(٤) بعده في م: "في".
(٥) في م: "الذين".
(٦) في م: "يحد".
(٧) في م: "يؤمد".
(٨) في م، س: "مأمود".