للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإيمانِ؟

قيل له: إنَّ الآية قد تقدَّمها ذِكرُ صِنْفَين من الناسِ؛ أحدُهما أهلُ كفرٍ، والآخرُ أهلُ إيمانٍ، وذلك قولُه: ﴿وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ﴾. ثم عقَّبَ اللهُ تعالى ذكرُه الصِّنْفَين بما ذكَرهم به، بحَضِّ (١) أهلِ الإيمانِ به على ما يُقَرِّبُهم إليه من النفقةِ في طاعتِه، وفى جهادِ أعدائِه من أهلِ الكفرِ به، قبلَ مجيءِ اليومِ الذي وصَف صِفَتَه، وأخبرَ فيه عن حالِ أعدائِه من أهلِ الكفرِ به، إذ كان قتالُ أهلِ الكفرِ به في مَعْصِيَتِه، ونفقتُهم في الصدِّ عن سبيلِه، فقال تعالى ذكرُه: يأيها الذين آمَنوا أنفِقوا أنتم مما رَزَقْناكم في طاعتي، إذ كان أهلُ الكفرِ بي يُنْفِقُون في مَعْصِيَتِى من قبلِ أن يأتيَ يومٌ لا بيعٌ فيه، فَيُدْرِكَ أهلُ الكفرِ فيه ابتياعَ ما فَرَّطُوا في ابتياعِه في دنياهم، ولا خُلَّةٌ لهم يومئذٍ تَنْصُرُهم منى، ولا شافعٌ لهم يَشْفَعُ عندى فتنجِّيَهم شَفَاعَتُه لهم من عِقابي، وهذا يومئذٍ فعلى (٢) بهم جزاءً لهم على كفرِهم، وهم الظالمون أنفسَهم دونى؛ لأنى غيرُ ظلَّامٍ لعَبِيدى.

وقد حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ الرَّحيمِ، قال: ثني عمرُو بنُ أَبي سَلَمَةَ، قال: سَمِعْتُ عمر بن سليمانَ يُحدِّثُ عن عطاءِ بن دينارٍ، أنه قال: الحمدُ للهِ الذي قال: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. ولم يَقُل: الظَّالمون هم الكافِرون (٣).

القولُ في تأويل قولِ اللهِ جلّ ثناؤه: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾.


(١) في م: "فحض"، وفى ت ١، س: "يحض".
(٢) في النسخ: "فعل". والمثبت ما يقتضيه السياق.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٨٥ (٢٥٦٧)، من طريق عمرو بن أبي سلمة به.
(*) من هنا يبدأ الجزء الثامن من نسخة خزانة القرويين والمشار إليها بالأصل، وسيجد القارئ أرقام أوراقها بين معقوفين.