للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دعائِهم: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غافر: ٧]. فأخبر تعالى ذكرُه أن علمه وسِع كلَّ شيءٍ، فكذلك قولُه: ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾.

وأصلُ "الكُرْسِيِّ" العلمُ، ومنه قيل للصحيفةِ يكونُ فيها علمٌ مكتوبٌ: كُرّاسةٌ. ومنه قولُ الراجزِ في صفةِ قانصٍ:

حتى إذَا ما اختارهَا (١) تَكَرَّسا

يعنى: عَلِم. ومنه يقالُ للعلماءِ: الكَراسيُّ. لأنهم المعتمَدُ عليهم، كما يقالُ: أوتاد الأرضِ. يعنى بذلك أنهم العلماءُ الذين تَصْلُحُ بهم الأرضُ، ومنه قولُ الشاعرِ (٢):

تَحُفُّ بهم بِيضُ الوُجُوهِ وعُصْبَةٌ … كَرَاسِيُّ بالأحْداثِ حينَ تَنُوبُ

يعني بذلك: علماءُ بحوادثِ الأمورِ ونوازلِها.

والعربُ تسمِّى أصلَ كلِّ شيءٍ الكِرْسَ، يقال منه: فلانٌ كريمٌ الكِرْسِ. أي: كريمُ الأصلِ، قال العَجَّاجُ (٣).

قد علِم القُدُّوسُ موْلَى القُدْسِ

أن أبا العباسِ أوْلَى نَفْسِ

بمَعْدِنِ المُلْكِ القديمِ (٤) الكِرْسِ


(١) في م: "اجتازها".
(٢) أساس البلاغة (ك ر س).
(٣) ديوانه ص ٤٨٧.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "الكريم".