للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ﴾ آمنوا بعيسى وكفَروا بمحمدٍ، ، قال: ﴿يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ (١).

حدَّثنا المثنَّى، قال: ثنا الحجاجُ بنُ المِنْهالِ، قال: ثنا المُعْتَمرُ بنُ سليمانَ، قال: سَمِعْتُ منصورًا، عن رجلٍ، عن عَبْدَةَ بن أبي لُبابةَ قال في هذه الآيةِ: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ إلى ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾. قال: هم أناسٌ كانوا آمَنوا بعيسى ابن مريمَ، فلما جاءهم محمدٌ كفروا (٢) به، وأُنزِلتْ فيهم هذه الآيةُ (٣).

وهذا القولُ الذي ذكَرْناه عن مجاهدٍ وعَبْدةَ بن أبي لُبابةَ، يَدُلُّ على أن الآيةَ معناها الخصوصُ، وأنها، إن كان الأمرُ كما وصَفْنا، نزلَتْ في مَن كفَر مِن النَّصارَى بمحمدٍ ، وفى مَن آمَن بمحمدٍ مِن عَبَدَةِ الأوثانِ، الذين لم يكونوا مُقِرِّين بنبوَّةِ عيسى ، ومن سائرِ المللِ التي كان أهلُها يُكَذِّبُ بعيسى.

فإن قال قائلٌ: أو كانت النَّصارَى على حقٍّ قبلَ أن يُبْعَثَ محمدٌ ، فيُكذَّبوا به؟

قيل: مَن كان منهم على مِلَّةِ عيسى ابن مريمَ صلَواتُ اللَّهِ عليه فكان على حقٍّ، وإياهم عنَى اللَّهُ تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ [النساء: ١٣٦].

فإن قال قائلٌ: فهل يَحمِلُ قولُه: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٩٧ (٢٦٣٠) من طريق جرير به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٣٠ إلى ابن المنذر.
(٢) في النسخ: "آمنوا". والمثبت موافق لمصادر التخريج.
(٣) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ٢٠٠، في تفسيره ٣/ ٢٨٣، وأبو حيان في البحر المحيط ٢/ ٢٨٣.