للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾. أن يكونَ مَعْنِيًّا به غيرُ الذين ذكَر مجاهدٌ [وعبْدةُ] (١)، أنهم عُنُوا به من المؤمِنين بعيسى، أو غيرُ أهلِ الرِّدَّةِ عن (٢) الإسلامِ؟

قيل: نعم، يَحتمِلُ أن يكونَ معنى ذلك: والذين كفَروا أولياؤُهم الطاغوتُ، يَحُولون بينَهم وبينَ الإيمانِ، ويُضِلُّونهم فيَكْفُرون، فيكونُ تَضْلِيلُهم إيَّاهم حتى يَكفُروا إخراجًا منهم لهم مِن الإيمانِ، بمعنى صدِّهم إيّاهم عنه، وحِرْمانِهم إياهم خيْرَه، وإن لم يكونوا كانوا فيه قطُّ، كقولِ الرجلِ: أَخْرَجني والدِي من ميراثِه. إذا ملَّك ذلك في حياتِه غيرَه، فحَرَمه منه حَظَّه (٣)، ولم يَمْلِكْ ذلك القائلُ هذا الميراثَ قطُّ فيَخْرُجَ منه، ولكنّه لمّا حُرِمَه، وحِيلَ بينَه وبينَ ما كان يكونُ له لو لم يُحْرَمْه، [قيل: أخرَجَه] (٤) منه. وكقولِ القائلِ: أَخْرَجَني فلانٌ مِن كَتِيبتِه. يَعنى: لم يَجْعَلْني مِن أهلِها، ولم يكنْ فيها قَطُّ قبلَ ذلك، فكذلك قولُه: ﴿يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾. مُحْتَمِلٌ (٥) أن يكونَ إخراجُهم إيَّاهم من الإيمانِ إلى الكفرِ على هذا المعنى، وإن كان الذي قاله مجاهدٌ [وعَبْدةُ] (٦) أَشبهَ بتأويلِ الآيةِ.

فإن قال قائلٌ: وكيف قال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ﴾ فجمَع خبرَ الطاغوتِ بقولِه: ﴿يُخْرِجُونَهُمْ﴾. والطاغوتُ واحدٌ؟

قيل: إن الطاغوتَ اسمٌ لجماعٍ وواحدٍ، وقد يُجْمَعُ "طَواغيت". وإذا جُعِل


(١) في م: "وغيره".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "و".
(٣) في م: "خطيئة".
(٤) في الأصل: "قبل إخراجه".
(٥) في م: "يحتمل".
(٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وغيره".