للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

امتاروا، وجُوالقَا (١) إبراهيمَ يَصْطَفِقان (٢). قال (٣): حتى إذا نظَر إلى سوادِ جبالِ أهلِه، قال: لَيحْزُنُني صبييَّ (٤) إسماعيلُ وإسحاقُ، لو أنى ملأتُ هذين الجُوالِقَين مِن هذه البطحاءِ فذهَبْتُ بهما، قَرَّتْ عَيْنا صبييَّ، حتى إذا كان الليلُ أَهْرَقْتُه. قال: فمَلأهما ثم خَيَّطَهما، ثم جاء بهما، [فنَزا عليه] (٥) الصبيَّان فَرَحًا، وألْقى رأسَه في حَجْرِ سارةَ ساعةً، ثم قالت: ما يُجْلِسُني؟ قد جاء إبراهيمُ تَعِبًا لَغِبًا (٦)، لو قُمْتُ فصنَعت له طعامًا إلى أن يَقُومَ! قال: فأخَذَتْ وِسادةً، فأدْخَلَتْها مكانَها، وانْسَلَّت قليلًا قليلًا لئلّا تُوقِظَه، قال: فجاءَت إلى إحدى الغِرارَتين (٧) فقَتَقَتْها، فإذا حُوَّارَى (٨) من النَّقيِّ، لم يَرَوْا مثلَه عندَ أحدٍ قَطُّ، فأخَذتْ منه، [فعجنَتْه وصنعَتْه] (٩)، فلما أتَت تُوقِظُ إبراهيمَ، جاءَته حتى وضعَتْه بين يَدَيْه، فقال: أيُّ شيءٍ هذا يا سارَةُ. قالت: من جُوالِقِكَ، لقد جئتَ وما عندَنا قليلٌ ولا كثيرٌ. قال: فذهَب يَنْظُرُ إلى الجُوالِقِ الآخَرِ، فإذا هو مثلُه، فعرَف مِن أين ذاك (١٠).

حدَّثني المثنَّى، قال: ثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا ابن أبى جعفرٍ، عن أبيه،


(١) الجوالق، بكسر اللام وفتحها معرب: وعاء من الأوعية معروف. اللسان (ج ل ق).
(٢) اصطفق، من قولهم: صفقت الريح الأشجار صفقا فاصطفقت، إذا هزتها وحركتها. التاج (ص ف ق).
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، م.
(٤) في م: "صبياي".
(٥) في ص، م: "فترامي عليه"، وفي ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فنزا عليهما". وفي العظمة: "فنزل عليه". ونزا: وثب وقفز. اللسان (ن ز و).
(٦) اللغب، بالتحريك: التعب والإعياء، وهو أيضا النصب والفتور اللاحق بسببه. التاج (ل غ ب).
(٧) الغرارتان مثنى الغرارة، وهى الجوالق، والجمع غرائر. التاج (غ ر ر).
(٨) الحواري: الدقيق الأبيض، وهو لباب الدقيق وأجوده وأخلصه. التاج (ح و ر).
(٩) في ص: "فعجنته وعجنته"، وفى م: "فطحنته وعجنته".
(١٠) أخرجه أبو الشيخ في العظمة (٩٦٦، ٩٩٧) من طريق ابن وهب به.