للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليومِ لم يَشْتَدَّ عليهم غضَبِي، وصبَرتُ لهم ورجَوتُهم، ولكنِّى غضِبتُ اليومَ للَّهِ ولك، فأتَيْتُك لأُخبِرَك، خبرَهم، وإنى أسألُك باللَّهِ الذي هو (١) بعثَك بالحقِّ إلا ما دعَوتَ عليهم ربَّك أن يُهْلِكَهم. فقال إِرْمِيا: يا مَلِكَ السماواتِ والأرضِ، إن كانوا على حقٍّ وصوابٍ فأبْقِهم، وإن كانوا على سَخَطِك وعملٍ لا ترضاه فأهلِكْهم. فلما خرَجتِ الكلمةُ مِن في إِرْمِيا أرسَلَ اللَّهُ صاعقةً مِن السماءِ في بيتِ المقدسِ، فالتهَب مكانُ القُربانِ، وخُسِف بسبعةِ أبوابٍ مِن أبوابِها. فلما رأى ذلك إِرْمِيا صاح وشَقَّ ثيابَه، ونبَذ الرمادَ على رأسِه، فقال: يا مَلِكَ السماءِ، ويا أرحمَ الراحمين، أين ميعادُك الذي وعَدتَني؟ فنودِى: إرميا، إنه لم يُصِبْهم الذي أصابَهم إلا بفُتْياك التي أفْتيتَ بها رسولَنا. فاسْتَيقَن النبيُّ أنها فُتياه التي أفْتَى بها ثلاثَ مراتٍ، وأنه رسولُ ربِّه، فطار إِرْمِيا حتى خالَط الوُحوشَ.

ودخَل بُخْتُنَصَّرَ وجنودُه بيتَ المقدسِ، فوطِئ الشامَ، وقتَل بني إسرائيلَ حتى أفناهم، وخرَّب بيتَ المقدسِ، ثم أمَر جنودَه أن يَمْلأَ كلُّ رجلٍ منهم تُرسَه ترابًا، ثم يَقْذِفَه في بيتِ المقدسِ، فقذَفوا فيه الترابَ حتى ملَئوه، ثم انصرَفَ راجعًا إلى أرضِ بابلَ، واحتمَل معه سبايا بني إسرائيلَ، وأمَرهم أن يَجْمَعُوا مَن كان في بيتِ المقدسِ كلَّهم، [فاجتمَع عندَه] (٢) كلُّ صغيرٍ وكبيرٍ مِن بني إسرائيلَ، فاختار منهم [سبعين ألفَ صبيٍّ] (٣)، فلما خرَجت غنائمُ جندِه، وأراد أن يَقْسِمهم


(١) سقط من: م.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "واجتمع إليه عندهم".
(٣) في ص، ت ٢، ت ٣: "سبعين صبي"، وفى م: "تسعين ألف صبي" وفي ت ١: "تسعين صبي"، وفى س: "تسعين صبيا". وأما رواية التاريخ فمرة ذكر أنه اختار منهم مائة ألف صبي، ثم عاد فذكر أنه ذهب بالسبعين الألف حتى أقدمهم بابل.