للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقالُ له: يُوشَكُ (١). فقال له: إنّ اللَّهَ يَأْمُرُك أَن تنفِرَ بقومِك فتُعمِّرَ بيتَ المقدسِ وإيلياءَ وأرضَها، حتى تَعُودَ أعْمَرَ ما كانت، فقال له الملِكُ: أنْظِرْني ثلاثةَ أيامٍ حتى أتَأَهَّبَ لهذا العملِ ولما يُصْلِحُه مِن أداةِ العملِ. فأنْظَرَه ثلاثةَ أَيامٍ، فانتدَب ثلاثَمائةِ قَهرمانَ (٢)، ودفَع إلى كلِّ قَهرمانَ ألفَ عاملٍ وما يُصْلِحُه مِن أداةِ العملِ، فسار إليها قَهارِمتُه ومعهم ثلاثُمائةِ ألفِ عاملٍ، فلما وقَعوا في العملِ ردَّ اللَّهُ رُوحَ الحياةِ في عينِ إِرْمِيَا، [وآخِرُ جسدِه ميتٌ] (٣)، فنظَر إلى إيِلياءَ وما حولَها مِن المدينةِ (٤) والمساجد، والأنهارُ والحُرُوثُ تُعْمَلُ وتُعَمَّرُ وتُجَدَّدُ، حتى صارَت كما كانت، وبعدَ ثلاثين سنةً تمامَ المائةِ ردَّ اللَّهُ إليه الرُّوحَ، فنظَر إلى طعامِه وشرابِه لم يَتَسَنَّهْ، ونظَر إلى حمارِه واقفًا كهيئتِه يومِ ربَطه لم يَطْعَمْ ولم يَشْرَبُ، ونظَر إلى الرُّمَّةِ (٥) في عنقِ الحمارِ لم تَتَغَيرْ جديدةً، وقد أتَى على ذلك ريحُ مائةِ عامٍ، وبردُ مائةِ عامٍ، وحرُّ مائةِ عامٍ، لم تَتَغَيرْ، ولم تُنتَقصْ شيئًا، وقد نَحَل جسمُ إِرْمِيَا مِن البِلَى، فأنْبَت اللَّهُ له لحمًا جديدًا، ونشَز عظامَه وهو يَنْظُرُ، فقال له اللَّهُ: ﴿فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (٦).


(١) في ص، م: "يوسك"، وفى تفسير القرطبي ٣/ ٢٩١: "كوشك". وينظر عرائس المجالس ص ٣٠٧.
(٢) القهرمان فارسي، معناه الوكيل. الألفاظ الفارسية المعربة ص ١٣٠.
(٣) في م: "وأخّر جسدَه ميتًا".
(٤) في م: "القرى".
(٥) الرمة: قطعة حبل يشد بها الأسير أو القاتل. التاج (ر م م).
(٦) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٥٤٧ عن محمد بن سهل بن عسكر وحده به.