للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا عبدُ الصّمدِ بنُ مَعْقِلٍ، أنه سمِع وهبَ بنَ مُنبِّهٍ يَقُولُ في قولِ اللَّهِ: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾: إِنَّ إِرْمِيا لما خُرِّب بَيتُ المقدسِ، وحُرِّق (١) الكتبُ، وقَف في ناحيةِ الجبلِ، فقال: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ﴾. ثم ردَّ اللَّهُ (٢) مَن ردَّ مِن بنِي إسرائيلَ على رأسِ سبعينَ سنةً مِن حينَ أماته، يَعمُرُونها ثلاثين سنةً تمامَ المائةِ؛ فلما ذهَبَتِ المائةُ ردَّ اللَّهُ إليه رُوحَه، وقد عُمِّرت على حالِها الأُولَى، فجعَل يَنْظُرُ إلى العظامِ كيف تلتامُ (٣) بعضُها إلى بعضٍ، ثم نظَر إلى العظامِ كيف تُكسَى عصبًا ولحمًا، فَلَمَّا تَبَيَّن له ذلك قال: ﴿أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾. فقال اللَّهُ تعالى ذكرُه: ﴿فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ﴾ (٤). قال: فكان طعامُه تينًا في مِكْتَلٍ (٥)، وقُلَّةً فيها ماءٌ (٦).

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السدِّيِّ: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا﴾: وذلك أنّ عُزَيرًا مرَّ جائيًا مِن الشام على حمارٍ له، معه عصيرٌ وعنبٌ وتينٌ، فلما مرَّ بالقريةِ فرآها، وقَف عليها


(١) في م: "حرقت".
(٢) بعده في الأصل: "إليه".
(٣) التام يلتام بالتسهيل وأصله الهمز التأم يلتئم، يعنى: اتصل واجتمع. اللسان (ل أ م).
(٤) في الأصل: "يتسن". وبإثبات الهاء ووصلا ووقفا قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر، وبحذف الهاء في الوصل قرأ حمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ١٨٩. وسيأتي كلام المصنف على هاتين القراءتين في ص ٥٩٩، ٦٠٠.
(٥) المكتل: الزبيل الذي يحمل فيه التمر أو العنب إلى الجرين. اللسان (ك ت ل).
(٦) تفسير عبد الرزاق ١/ ٩٩، ١٠٠، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخه ٨/ ٢٨.