للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني: يُفَرِّقُ عُنوقها ويُقَطِّعُها، وبيتِ خَنْساءَ (١):

* لَظَلَّتِ الشُّمُّ منها وَهْيَ تَنْصارُ (١) *

تَعْنى بالشُّمِّ: الجبالَ، أنها تتَصدَّعُ وتَتَفرَّقُ. وببيتِ أبي ذُؤَيبٍ (٢):

فانْصَرْنَ مِن فَزَعٍ وسَدَّ فُرُوجَهُ … غُبْرٌ ضَوارٍ وافيانِ وأَجْدَعُ (٣)

قالوا: فلِقول القائلِ: صُرْتُ الشيء. معْنيان: أَمَلْتُه، وقَطَّعْتُه، وحَكَوْا سماعًا: صُرْنا به الحُكْمَ: فَصَلْنا به الحكم.

وهذا القولُ الذي ذكرْناه عن البَصْريِّين - مِن أن معنى الضَّمِّ في الصادِ مِن قولِه: ﴿فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ﴾ والكسرِ سواءٌ بمعنًى واحدٍ، وأنهما لُغتان معْناهما في هذا الموضعِ: فقَطِّعْهنَّ، وأن معنى ﴿إِلَيْكَ﴾ تقديُمها قبلَ ﴿فَصُرْهُنَّ﴾ مِن أجلِ أنها صلةٌ لقولِه: ﴿فَخُذْ﴾ - أَوْلَى بالصوابِ مِن قولِ الذين حكَيْنا قولَهم مِن نحويِّي الكوفيِّين، الذين أنكَرُوا أن يكونَ للتقطيعِ في ذلك وجهٌ مفهومٌ، إلا على معنى القلبِ الذي ذكرْتُ؛ لإجماعِ جميع أهلِ التأويلِ على أن معنى قولِه: ﴿فَصُرْهُنَّ﴾ غيرُ خارجٍ مِن أحدِ معنيَين: إما: قَطِّعْهُنَّ. وإما: اضْمُمُهُنَّ إليك. بالكسرِ قُرِئ ذلك أو بالضَّمِّ، ففى إجماعِ جميعِهم على ذلك - على غير مراعاةٍ منهم كسرَ


= جمع صفية، وهى الغزيرة. والعنوق: جمع عَناق، وهى أنثى المعز. والأحوى: الذي تضرب حمرته إلى
السواد، يعنِى تيس المعز. والزنيم: الشاة التي لها زَنَمتان في حلقها، والزنمة: هَنة معلقة في حلقها تحت
لحيتها. اللسان (خ ل ع، د هـ س، ص ف ي، ع ن ق، ح و ى، ز ن م).
(١) مجاز القرآن ١/ ٨١، والأضداد ص ٣٧، واللسان (ص و ر)، وصدره:
فلو يلاقي الذي لاقيته حصن
(٢) البيت في ديوان الهذليين ١/ ١٢.
(٣) الغبر الضواري: كلاب الصيد، وافيان: سالما الأذنين، وأجدع: مقطوع الأذنين. شرح أشعار الهذليين ١/ ٢٨.