للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناسَ (١)، فيذهَبُ مالُه منه وهو يرائي، فلا يأجُرُه اللهُ فيه، فإذا كان يومُ القيامةِ واحتاج إلى نفقتِه، وجَدها قد أَحْرَقها الرياءُ فذهَبت، كما أَنْفَق هذا الرجلُ على جنَّتِه، حتى إذا بلَغت، وكثُر عيالُه، واحتاج إلى جنَّتِه، جاءت ريحٌ فيها سَمومٌ، فأَحْرَقت جنَّتَه، فلم يجِدْ منها شيئًا، فكذلك المنفقُ رياءً (٢).

حدَّثني محمَّد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله ﷿: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾: كمثلِ المفرِّطِ في طاعةِ اللهِ حتى يموتَ. قال: يقولُ: أيودُّ أحدُكم أن يكونَ له دنيا لا يعمَلُ فيها بطاعةِ اللهِ، كمثلِ هذا الذي له جناتٌ تجرى من تحِتها الأنهارُ، له فيها من كلِّ الثمراتِ، وأصابه الكبَرُ، وله ذُرِّيةٌ ضعفاءُ، فأصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحْتَرقت؟ فمثلُه بعدَ موتِه، كَمَثَلِ هذا حينَ احتَرَقَتْ جَنَّتُه وهو كبيرٌ، لا يُغنى عنها شيئًا، وولَدُه صغارٌ، لا يُغنون عنها شيئًا، وكذلك المفرِّطُ بعدَ الموتِ، كلُّ شيءٍ عليه حسرةٌ (٣).

حدَّثنا المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا جريرٌ، عن عبدِ الملكِ، عن عطاءٍ، قال: سأل عمرُ الناسَ عن هذه الآيةِ: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ﴾: فما وجَد أحدًا من الناسِ يَشفيه، حتى قال ابن عبَّاسٍ وهو خلْفَه: يا أميرَ المؤمنين،


(١) بعده في ص، م: "به".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٢٣ (٢٧٧٥) من طريق عمرو به، إلى قوله: كما أنفق هذا الرجل على جنته.
(٣) أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٥٦٧)، وابن أبي حاتم - مختصرا - في تفسيره ٢/ ٥٢٢ (٥٧٧١) من طريق ابن أبي نجيح به.