للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذرِّيَّةٌ ضعفاءُ، فأصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحْتَرقت، فلم يَستطِعْ أن يدفَعَ عن بستانِه من كبرِه، ولم يَستطِعْ ذرِّيتُه أن يدفَعوا عن [بستانِهم من صغرِهم، فاحترَق] (١) بستانُه فذهَبت معيشتُه ومعيشةُ ذرِّيتِه، فهذا مثلٌ ضرَبه اللهُ للكافرِ، يقولُ: يلقانِي يومَ يلقانِي (٢) وهو كأحوجِ (٣) ما يكونُ إلى خيرٍ يُصيبُه، فلا يجدُ له عندى خيرًا، ولا يستطيعُ أن يدفَعَ عن نفسِه من عذابِ اللهِ شيئًا.

وإنما قلنا (٤): إن الذي هو أولى بتأويلِ ذلك ما ذكَرنا؛ لأن الله جلَّ ثناؤُه تقدَّم إلى عبادِه المؤمنين بالنهيِ عن المنِّ والأذى في صدقاتِهم، ثم ضرَب مثلًا لمن منَّ وآذى من تصدَّق عليه بصدقةٍ، فمثَّله بالمرائى من المنافقين المُنفقين أموالَهم رياءَ الناسِ، وكانت قصةُ هذه الآيةِ وما فيها (٥) من المثَلِ نظيرةَ ما ضرَب لهم من المَثلِ قبلَها، فكان إلحاقُها بنظيرتِها أولى من حملِ تأويلِها على أنه مثَلٌ لِمَا لم يجرِ له ذكرٌ قبلَها ولا معها.

فإن قال لنا قائلٌ: وكيف قيل: ﴿وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ﴾ وهو فعلٌ ماضٍ، فعُطِف به على قولِه: ﴿أَيَوَدُّ﴾؟

قيل: إن ذلك قيل كذلك؛ لأن قولَه: ﴿أَيَوَدُّ﴾. يصلُحُ أن تُوضعَ فيه "لو" مكانَ "أن"، فلما صلَحت بـ "لو" و "أنْ"، ومعناهما جميعًا الاستقبالُ، استجازت العربُ أن يردُّوا "فعَل" بتأويلِ "لو" على "يفعَل" مع "أنْ"، فلذلك قال: ﴿فَأَصَابَهَا﴾. وهو في مذهبِه بمنزلةِ "لو"، إذْ (٦) ضارَعت "إنْ" في معنى


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "القيامة".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أحوج".
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "دللنا".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قبلها".
(٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "إذا".