للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن لم يكونا رجلين، فرجلٌ وامرأتان ممَّن تَرْضَوْن من الشهداءِ، فإنَّ إحداهما إن ضلَّت ذَكَّرتها الأخرى. على استئنافِ الخبرِ عن فعلِهما (١) إن نسِيت إحداهما شهادتَها، مِن تذكيرِ الأخرى منهما صاحبتَها الناسيةَ.

وهذه قراءةٌ كان الأعمشُ يَقْرَؤُها (٢) ومَن أخَذها عنه، وإنما نصَب الأعمش (تَضِلَّ)؛ لأنها في محلِ جزمٍ بحرفِ الجزاءِ، وهو (إن). فتأويلُ (٣) الكلامِ على قراءتِه: إن تَضْلِلْ. فلمَّا انْدَغَمت إحدى اللاميْنِ في الأخرى، حرَّكَها إلى أخفِّ الحركاتِ، ورفَع (٤) (تذكِّرُ) بالتاءِ (٥)؛ لأنه جوابُ الجزاءِ بالفاءِ (٦).

والصوابُ من القراءةِ عندَنا في ذلك قراءةُ مَن قرَأه بفتحِ ﴿أَنْ﴾ من قولِه: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا﴾. وبتشديدِ الكافِ من قولِه: ﴿فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾. ونصبِ الراءِ منه، بمعنى: فإن لم يكونا رجلين، فَلْيَشْهَدْ رجلٌ وامرأتان، كي إن ضلَّت إحداهما ذكَّرتها الأخرى.

وأمَّا نصبُ ﴿فَتُذَكَّرَ﴾ فبالعطفِ على ﴿تَضِلَّ﴾، وفُتِحت ﴿أَنْ﴾ لحُلُولِها (٧) محلَّ "كى"، وهي في موضعِ جزاءٍ، والجوابُ بعده، اكتفاءً بفتحِها، أعنى بفتح ﴿أَنْ﴾ من "كى"، ونسَق بالثاني، أعنى ﴿فَتُذَكِّرَ﴾ على


(١) في ص، م، ت ٢، ت ٣، س: "فعلها".
(٢) ينظر البحر المحيط ٢/ ٣٤٨.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "تأويله".
(٤) في ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وقع".
(٥) في م: "بالفاء".
(٦) سقط من: م.
(٧) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بحلولها".