للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿تَضِلَّ﴾؛ ليُعْلَمَ أن الذي قام مقامَ ما كان يَعْمَلُ فيه وهو ظاهرٌ، قد دلَّ عليه وأدَّى عن معناه وعملِه، أعنى (١) عن "كى".

وإنما اخترنا ذلك في القراءةِ لإجماعِ الحجَّةِ من قُدَماءِ القَرَأةِ والمتأخرين على ذلك، وانفرادِ الأعمشِ ومَن قرَأ قراءتَه في ذلك بما انْفَرد به عنهم، ولا يجوزُ تركُ قراءةٍ جاء بها المسلمون مستفيضةً بينهم إلى غيرِها.

وأمَّا اختيارُنا ﴿فَتُذَكِّرَ﴾ بتشديدِ الكافِ؛ فلأنه بمعنى ترديدِ (٢) الذِّكْرِ من إحداهما على الأخرى، وتعريفِها إيَّاها (٣) ذلك لتَذْكُرَ، فالتشديدُ به أوْلى من التخفيفِ.

وأمَّا ما حُكِى عن ابن عُيَيْنَةَ من التأويلِ الذي ذكَرناه، فتأويلٌ خطأٌ لا معنى له؛ لوجوهٍ شتى: أحدُها: أنه خلافٌ لقولِ جميعِ أهلِ التأويلِ.

والثاني: أنه معلومٌ أنَّ ضلالَ إحدى المرأتين في الشهادةِ التي شهِدت عليها، إنما هو ذهابُها (٤) عنها ونسيانُها إيَّاها، كضلالِ الرجلِ في دينِه، إذا تحيَّر فيه فعدَل عن الحقِّ، وإذا صارت إحداهما بهذه الصفةِ، فكيف يجوزُ أن تُصيِّرَها (٥) الأخرى ذَكَرًا معها، مع نسيانِها شهادتها وضلالِها فيها، والضالَّةُ منهما في شهادتِها حينئذٍ لا شكَّ أنها إلى التذكيرِ أحوجُ منها إلى الإذكارِ. إلا أن يكونَ أراد أن الذاكرةَ إذا ضعُفت صاحبتُها عن ذكر شهادتِها، شحَذَتها (٦) على ذكرِ ما ضعُفت عن ذكرِه فنسِيته،


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أي".
(٢) في ص، ت ٢، ت ٣: "تودية"، وفى م: "تأدية"، وفى س: "درية".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بإنهاء".
(٤) في ص، ت ١، س: "خطابها"، وفى م: "خطؤها".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "تصير".
(٦) في م: "ستجرئها"، وفى ت ١: "ستجدها". وشحذتها: قوتها. التاج (ش ح ذ).