للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا مَعْمَرٌ، قال: سمعت الزهريَّ يَقُولُ في قولِه: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾. قال: قرَأها ابن عمرَ، فبكَى وقال: إنا لمَأخُوذون بما نحدِّثُ به أَنفُسَنا. فبكى حتى سُمِع نشيجُه، فقام رجلٌ مِن عندِه، فأتى ابنَ عباسٍ، فذكَر ذلك له، فقال: يرحَمُ اللَّهُ ابنَ عمرَ، لقد وجَد المسلمون نحوًا مما وجَد، حتى نزَلت: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (١).

حدَّثني المثنى، قال: ثني إسحاقُ، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، عن جعفرِ بن سليمانَ، عن حميدٍ الأعرجِ، عن مجاهدٍ، قال: كُنْتُ عندَ ابن عمرَ فقال: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ الآية. فبكَى، حتى دَخلتُ على ابن عباسٍ، فذكَرتُ له ذلك، فضحِك ابن عباسٍ فقال: يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عَمرَ، أَوَمَا يَدْرِى فيم أنْزِلَت [وكيف أنزلت] (٢)؟ إن هذه الآيةَ حينَ أُنْزِلَت غَمَّت أصحابَ رسولِ اللَّهِ غَمًّا شديدًا، وقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، هلَكنا. فقال لهم رسولُ اللَّهِ : "قُولُوا: سَمِعْنا وأطَعْنا". فنسَختها: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ إلى قولِه: ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾. فتُجُوِّزَ لهم مِن حديثِ النفسِ وأُخِذوا بالأعمالِ (٣).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا يزيدُ بنُ هارونَ، عن سفيانَ بن حسينٍ، عن الزهريِّ، عن سالمٍ أن أباه قرَأ: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾. فدمَعت عَيْناه، فبلغ صنيعُه ابنَ عباسٍ، فقال: يَرْحَمُ


= المنثور ١/ ٣٧٤ إلى عبد بن حميد وأبي داود في ناسخه.
(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١١٢.
(٢) سقط مِن: ص، م، ت ١، ت، ت، س.
(٣) تفسير عبد الرزاق ١/ ١١٣، ١١٤. ومن طريقه أحمد ٥/ ١٩٤، ١٩٥ (٣٠٧٠)، وابن الجوزي في النواسخ ص ٢٢٩.