للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾. ثم قال ابن عمرَ: لئن آخَذَنا بهذه الآيةِ لنَهْلِكَنَّ. ثم بكَى ابن عمرَ حتى سالت دُموعُه. قال: ثم جئتُ عبد اللَّهِ بنَ العباسِ، فقلت: يا أبا العباسِ، إني جئتُ ابنَ عمرَ، فتلا هذه الآيةَ: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ الآية. ثم قال: لئن واخذنا بهذه الآيةِ لنَهْلِكَنَّ. ثم بكَى حتى سالت دُموعُه، فقال ابن عباسٍ: يَغْفِرُ اللَّهُ لعبدِ اللَّهِ بن عمرَ، لقد فَرِق أصحابُ رسولِ الله منها كما فرِق ابن عمرَ منها، فأنزَل اللَّهُ: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾. فنسَخ اللَّهُ الوَسْوَسَةَ، وأثبَت القولَ والفعلَ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: أخبَرني يونسُ بنُ يزيدَ، عن ابن شهابٍ، عن سعيدِ بن مَرْجانَةَ يُحَدِّثُ أنه بينَا هو جالسٌ مع (٢) عبدِ اللَّهِ بن عمرَ تلا هذه الآيةَ: ﴿لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ﴾ الآية. فقال: واللَّهِ لئن أخَذَنا اللَّهُ بهذا لنَهْلِكُنَّ. ثم بكَى ابن عمرَ حتى سُمِع نَشِيجُه. فقال ابن مَرْجانةَ: فقُمْت حتى أَتَيْتُ ابن عباس، فذكَرتُ له ما تلا ابن عمرَ، وما فعَل حينَ تلاها، فقال عبدُ اللَّهِ بنُ عباسٍ: يَغْفِرُ اللَّهُ لأبي عبدِ الرحمنِ، لَعَمْرِي لقد وجَد المسلمون منها حين أُنْزِلَت مثلَ مَا وَجَدَ عبدُ اللَّهِ بنُ عمرَ، فأنزَل الله: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ إلى آخرِ السورةِ. قال ابن عباسٍ: له فكانت هذه الوَسْوَسَةُ مما لا طاقةَ للمسلمين بها، وصار الأمرُ إلى أن قضَى اللَّهُ أن للنَفْس ما كسَبت، وعليها ما اكتَسَبَت في القولِ والفعلِ (٣).


= السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٧٤ إلى ابن المنذر.
(١) أخرجه أبو عبيد في ناسخه ص ٣٩٦، والطبراني في الكبير (١٠٧٦٩) من طريق يزيد بن أبي حبيب به بنحوه.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت، س: "سمع".
(٣) أخرجه الطحاوى في المشكل (١٦٢٧) عن يونس به، وأخرجه الفسوى في المعرفة والتاريخ ١/ ٤٠٤، والطحاوي في المشكل (١٦٢٦)، وابن أبي حاتم في تفسيره مفرقًا ٢/ ٥٧٨، ٥٧٩ (٣٠٨٧، ٣٠٩٠)، والطبراني (١٠٧٧٠)، والبيهقى في الشعب (٣٢٩) من طريق الزهري به، وعزاه السيوطي في الدر =