للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدِّثت عن الحسينِ، قال: سمِعت أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرنا عُبيدٌ، قال: سمِعت الضحاكَ يَقُولُ في قولِه: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾. قال: كانت عائشةُ تقولُ: كلُّ عبدٍ يَهُمُّ بمعصيةٍ أو يُحَدِّثُ بها نفسَه، حاسَبه اللَّهُ بها في الدنيا، يَخَافُ ويَحْزَنُ ويَهْتَمُّ.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: حدَّثنا أبو تُمَيلةَ، عن عُبيدٍ، عن الضحاكِ، قال: قالت عائشةُ في ذلك: كلُّ عبدٍ همَّ بسوءٍ ومعصيةٍ، وحدَّث بها نفسَه، حاسَبه اللَّهُ بها في الدنيا، يَخَافُ ويَحْزَنُ ويَشْتَدُّ همُّه، لا يَنَالُه مِن ذلك شيءٌ، كما همَّ بالسوءِ ولم يَعْمَلْ منه شيئًا.

حدَّثنا الربيعُ بنُ سليمانَ، قال: ثنا أَسَدُ بنُ موسى، قال: ثنا حمادَ بنُ سلمةَ، عن عليِّ بن زيدٍ، عن أميةَ (١) أنها سألَت عائشةَ هذه الآيةِ: ﴿وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ﴾، و ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ﴾ [النساء: ١٢٣]. فقالت: ما سألني عنها أحدٌ مُذ سألتُ رسولَ اللَّهِ ، فقال: "يا عائشةُ، هذه متابعةُ اللَّهِ العبدَ بما يُصيبُه مِن الحمَّى والنكْبةِ والشَّوكةِ، حتى البِضاعةِ يَضَعُها في كمِّه يَفْقِدُها، فيُرَوَّعُ لها، فيجدُها في ضِبْنِه (٢)، حتى إن المؤمنَ ليَخْرُجُ مِن ذُنوبِه كما يَخْرُجُ التِّبْرُ الأحمرُ مِن الكِيرِ" (٣).

وأولى هذه الأقوالِ التي ذكَرناها بتأويلِ هذه الآيةِ قولُ مَن قال: إنها مُحْكمةٌ


(١) في ص، م: "أمه"، وفى س: "أبيه". وهي أمية بنت عبد الله، وينظر تهذيب الكمال ٣٥/ ١٣٢.
(٢) الضبن: الإبط وما يليه. اللسان (ض ب ن).
(٣) أخرجه الطيالسي (١٦٨٩)، وأحمد ٦/ ٢١٨ (الميمنية)، والترمذي (٢٩٩١)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٧٤ (٣٠٦٢)، والبيهقى في الشعب (٩٨٠٩) من طريق حماد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٧٥ إلى ابن المنذر.