للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقيل: فُعَلُ "أُخَرُ"، فتُرِك صرفُها كما تُرِك صرفُ "أخرى"، وبُنِيَ جمعُ "حمراءَ" و "بيضاءَ" على خلافِ واحدتِه، فصُرِف، فقيل: حُمْرٌ وبِيضٌ. فلاختلافِ حالتَيْهما في الجمعِ، اختلَف إعرابُهما عندهم في الصرفِ، ولاتِّفاق حالتَيْهما في الواحدةِ، اتفقتْ حالتاهما فيها.

وأمّا قولُه: ﴿مُتَشَابِهَاتٌ﴾. فإنَّ معناه: متشابهاتٌ في التلاوةِ، مختلِفاتٌ (١) في المعنىَ، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا﴾ [البقرة: ٢٥]. يعني: في المَنْظَرِ، مختلفًا في المَطْعَم. وكما قال مُخبِرًا عمَّن أخبر عنه من بني إسرائيلَ أنه قال: ﴿إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا﴾ [البقرة: ٧٠]. يعنون بذلك: تشابهَ علينَا في الصفة وإنِ اختلَفتْ أنواعُه.

فتأويلُ الكلامِ إذنْ: إن الذي لا يَخْفَى عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماءِ، هو الذي أنزَل عليك يا محمدُ القرآنَ، ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ﴾ بالبيانِ، هنَّ أَصلُ الكتابِ الذي عليه عمِادُك وعِمادُ أُمَّتِك في الدِّينِ، وإليه مَفْزَعُك ومَفْزَعُهم فيما افترضْتُ عليك وعليهم مِن شرائعِ الإسلامِ، وآياتٌ أُخَرُهِنَّ متشابهاتٌ في التلاوةِ، مختلِفاتٌ في المعاني.

وقد اختلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾. وما (٢) المُحْكَمُ من آي الكتاب؟ وما المتشابهُ منه؟ فقال بعضُهم: المُحْكماتُ مِن آيِ القرآن: المعمولُ بهنَّ، وهنَّ الناسخاتُ، أو المُثْبتَاتُ الأحكامِ، والمتشابهاتُ من آيهِ: المتروكُ العملُ بهنَّ المنسوخاتُ.


(١) في ت ٢: "مختلفة".
(٢) في ت ٢: "أما".