للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضُهم: إنما هي: أَنْ قَتْلًا لى. ولكنّه جعَله "عينًا" (١)؛ لأنَّ "أنْ" في لغتِه تُجعَلُ موضعَها "عن"، والنصبُ على الأمرِ، كأنك قلتَ: ضربًا لزيدٍ.

وهذا قولٌ لا معنَى له؛ لأنَّ كلَّ هذه الشَّواهدِ التي استشْهدها (٢)، لا شكَّ أنهنَّ حكاياتُ حاكيهنَّ (٣) بما حَكَى عن قولِ غيرِه وألفاظِه التي نطَق بهنَّ، وأن معلومًا أن الله جلَّ ثناؤُه لم يَحْكِ عن أحدٍ قولَه: أمُّ الكتابِ. فيجوزَ أن يقالَ: أَخْرَج ذلك مُخْرَجَ الحكايةِ عمَّن قال ذلك كذلك.

وأمّا قولُه: ﴿وَأُخَرُ﴾ فإنها جمعُ أُخْرَى (٤).

ثم اختلَف أهلُ العربيةِ في العلَّةِ التي من أجلِها لم يُصْرَفْ "أُخَرُ"؛ فقال بعضُهم: لم يُصْرَفْ "أُخَرُ" (٥)، من أجلِ أنها نَعْتٌ، واحدتُها "أُخْرَى"، كما لم تُصْرَفْ جُمَعُ" و "كُتَعُ"؛ لأنهنَّ نُعوتٌ.

وقال آخرون: إنما لم تُصْرَف "الأُخَرُ"، لزيادةِ الياءِ التي في واحدتِها، وأن جَمْعَها مبنيٌّ على واحدِها في تركِ الصرفِ. قالوا: وإنما تُرِكَ صرفُ "أُخْرَى"، كما تُرِك صرفُ "حمراءَ" و "بيضاءَ" في النكرةِ والمعرفةِ؛ لزيادةِ المدَّةِ فيها والهمزةِ بالواوِ (٦)، ثم افترَق جمعُ "حمراءَ" و "أُخْرَى"، فبُنَي جمعُ "أُخرى" على واحدتِه،


(١) في م: "عن".
(٢) في م: "استشهد بها"
(٣) في م: "حالتهن".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "آخر"
(٥) سقط من: ص، ت ١.
(٦) الضمير في كلمة "فيها" يرجع إلى "حمراء وبيضاء"؛ إذ القياس في همزتها عند التثنية أن تقلب واوًا تقول: حمراوان وبيضاوان. ينظر ما لا ينصرف للزجاج ص ٣٢ وشرح ابن عقيل ٢/ ٤٤٥، ٤٤٦.