للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّه آيتَين. لأنَّه قد كان في كلِّ واحدٍ منهما لهم عِبرةٌ؛ وذلك أن مريمَ ولَدتْ من غيرِ رجلٍ، ونطَق ابنُها، فتكلَّم في المهدِ صبيًّا، فكان في كلِّ واحدٍ منهما للناسِ آيةٌ.

وقد قال بعضُ نحويِّى البصرةِ: إنما قيل: ﴿هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ﴾. ولم يقُلْ: هنّ أمهاتُ الكتابِ. على وجهِ الحكايةِ، كما يقولُ الرجلُ: ما لي أنصارٌ. فتقولُ: أنا أنصارُك، أو: ما لي نظيرٌ. فتقولُ: نحن نظيرُك. قال: وهو شَبيهُ: دَعْنى مِن تمرتان. وأنشد لرجلٍ من فَقْعَسٍ (١):

تَعَرَّضَتْ لي [بمكانِ حَلِّ] (٢) … تَعَرُّضَ المُهرَةِ في الطِّوَلِّ (٣)

تَعَرُّضًا لم تَأْلُ عَنْ [قَتْلًا لى] (٤)

[قتلًا لى] (٥)، يَحْكِي به على الحكايةِ؛ لأنه كان منصوبًا قبل ذلك، كما يقولُ: نُودِيَ: الصلاةَ الصلاةَ، يَحْكي قولَ القائلِ: الصلاةَ الصلاةَ. وقال: قال


(١) هو منظور بن مرثد الفقعسى الأسدى، ويعرف بـ: منظور بن حبة. وحبة أمه. والرجز في مجالس ثعلب ٢/ ٦٠٢، واللسان (ط) و ل، ق ت ل، ع رض).
(٢) في ت ١ ت ٢: "بمكان خلى". وفى المجالس: "بمجازٍ حِلِّ"، وفى اللسان: "بمكان حِلِّ". ومكان الحَلِّ: مكان الحلول والنزول. وينظر اللسان (ح ل ل).
(٣) الطَّوَلُ: حبل طويل تشد به قائمة الدابة، وقيل: هو الحبل تشد به ويمسك صاحبه بطرفه ويرسلها ترعى. وشدد الراجز الطِّولّ للضرورة. اللسان (طول).
(٤) في ص، ت ١، ت ٢: "قتال"، وفى اللسان: "قتل لى"، وفى المجالس واللسان (ط و ل، ق ت ل) "قَتْلِلَّى" كأنه أدغم "قتل لى"، ولا شاهد في كل ذلك. قال في اللسان: ويروى: "عن قتلًا لى" على الحكاية، أي: عن قولها: قتلًا له.
والرواية التي أشار إليها صاحب اللسان هي رواية سر صناعة الإعراب، كما ذكر ذلك محقق المجالس.
(٥) في النسخ: "كل أي"، وهى عبارة مضطربة، ولعلها تحريف ما أثبتناه، إذ لا يخفى أن الكلام منصب على مجيء "قتلًا". على وجه الحكاية.