للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تأْوِيلُهُ إِلَّا عندَ اللهِ، والرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ) (١).

وأمّا معنى التأويلِ في كلامِ العربِ، فإنَّه التفسيرُ والمَرْجِعُ والمَصِيرُ، وقد أَنشَدَ بعضُ الرواةِ بيتَ الأَعْشَى (٢):

على أنَّها كانت تَأَوَّلُ حُبِّها … تَأَوَّلَ (٣) رِبْعِيِّ السِّقابِ (٤) فَأَصْحَبَا

وأصلُه: مِن آلَ الشيءُ إلى كذا، إذا صارَ إليه ورجَع، يَئُولُ أَوْلًا، وأَوَّلْتُه أَنا صيَّرْتُه إليه.

وقد قيل: إِنَّ قولَه: ﴿وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: ٥٩] أي: جَزاءً، وذلك أن الجزاءَ هو المعنى (٥) الذي آل إليه أمرُ القومِ، وصار إليه.

ويَعنِى بقولِه: تَأَوُّلُ حُبِّها: تفسيرُ حبِّها ومرجعُه. وإنما يُريدُ بذلك أنَّ حبَّها كان صغيرًا في قلبِه، فآلَ مِن الصِّغَرِ إلى العِظَمِ، فلم يَزَلْ يَنْبُتُ حتى أَصْحَبَ (٦) فصار قديمًا، كالسَّقْب الصغيرِ الذي لم يَزَلْ يَشِبُّ حتى أَصْحَبَ فصار كبيرًا مثلَ أُمِّه.

وقد يُنْشَدُ هذا البيتُ (٧):


(١) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ٣٤٢، وأبو حيان في البحر المحيط ٢/ ٣٨٤، وفي المصاحف لابن أبي داود ص ٥٩: "وإن حقيقة تأويله … ".
(٢) ديوانه ص ١١٣.
(٣) في م: "توالي".
(٤) في ت ٢: "السقات". والسِّقاب: جمع السَّقْب، وهو ولد الناقة الذكر ساعة يولد، ولا يقال للأنثى: سقبة. ينظر التاج (س ق ب).
(٥) سقط من: م، س.
(٦) أصحب: ذَلَّ وانقاد. التاج (ص ح ب).
(٧) رواية اللسان (ر ب ع، و ل ي):
ولكنها كانت نَوًى أَجْنَبِيّةً … توالىَ رِبْعيِّ السِّقابِ فأصحبا =