للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه [عنَى به عالَمِي] (١) الدنيا دون عالَمِي (٢) الآخرةِ - مِن أصلٍ أو دلالةٍ. فلن يقولَ في أحدِهما شيئًا إلا أُلْزِم في الآخرِ مثلَه.

وأما الزاعمُ أنَّ تأويلَ قولِه: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ أنه الذي يَمْلِكُ إقامةَ يومِ الدينِ، فإن الذي ألْزَمْنا قائلَ هذا القولِ الذي قبلَه له لازمٌ، إذ كانت إقامةُ القيامةِ إنما هي إعادةُ الخلقِ الذين قد بادوا لهيئاتِهم التي كانوا عليها قبلَ الهلاكِ في الدارِ (٣) التي أعَدَّ (٤) لهم فيها ما أعَدَّ، وهم العالَمون الذين قد أخْبَر جل ذكرُه عنهم أنه ربُّهم في قولِه: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.

وأما تأويلُ ذلك في قراءةِ مَن قرَأ: (مالِكَ يَوْمِ الدِّينِ) فإنه أراد: يا (٥) مالكَ يومِ الدينِ. فنصَبه بنيَّةِ النداءِ والدعاءِ، كما قال جل ثناؤُه: ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ [يوسف: ٢٩]. بتأويلِ: يا يوسُفُ أعْرِضْ عن هذا. وكما قال الشاعرُ من بني أسدٍ، وهو شعرٌ - فيما يقالُ - جاهليٌّ (٦):

إن كنتَ أزْنَنْتَني (٧) بها كَذِبًا … جَزْءُ فلاقَيتَ مثلَها عَجِلًا

يريدُ: يا جَزْءُ. وكما قال الآخرُ (٨):


(١) في ر، ت ١، ت ٢: "عُني به عالموا"، وفي م: "عنى به عالم".
(٢) في ص، م، ت ٢: "عالم".
(٣) في ص: "دار الدنيا"، وفي ت ١: "الدنيا".
(٤) بعده في م، ت ٢: "اللَّه".
(٥) في ر: "به".
(٦) هو حضرمي بن عامر. ينظر أمالي القالي ١/ ٦٧، والكامل ١/ ٦٧ - ولم ينسبه - واللسان (ج ز أ)، (ن ب ل)، (ز ن ن).
(٧) أزننته بشيء: اتهمته به. اللسان (ز ن ن).
(٨) نسبه في مجاز القرآن ١/ ١٠٠، واللسان (ق ر ن) لرجل من بني أسد. وهو في الكتاب ٢/ ٨٥، ٣/ ٢٠٧، ٣٢٦.