للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمِهَادُ﴾.

وإنما اخْتَرْنا قراءةَ ذلك كذلك، على قراءتِه بالياءِ، لدلالةِ قولِه: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ﴾. على أنهم بقولِه: ﴿سَتُغْلَبُونَ﴾ مُخاطَبُون خطابَهم بقولِه: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ﴾. فكان إلحْاقُ الخطابِ بمثلِه مِن الخطابِ أوْلى مِن الخطابِ بخلافِه مِن الخبرِ عن غائبٍ.

وأخْرَى: أن أبا كُرَيْبٍ حَدَّثَنا، قال: ثنا يونُسُ بنُ بُكيرٍ، عن محمدِ بن إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ بنُ أبى محمدٍ مولَى زيدٍ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ، أو عِكرمةَ، عن ابن عباسٍ، قال: لمَّا أصابَ رسولُ اللهِ ﷺ قريشًا يومَ بدرٍ، فقدِم المدينةَ، جمَع يهودَ في سوقِ بنى قَيْنُقاعَ فقال: "يا مَعْشَرَ يَهودَ، أسْلِمُوا قبلَ أن يُصِيبَكم مثلُ ما أصابَ قريشًا". فقالوا: يا محمدُ، لا تَغُرَّنَّك نفْسُك أنكَ قَتَلْتَ نفرًا مِن قريشٍ كانوا أعْمارًا لا يَعْرِفُون القِتالَ، إنك واللهِ لو قاتَلْتَنا لعرَفْتَ أنا نحن الناسُ، وأنك لم تَأْتِ (١) مثلَنا. فأنْزَل اللهُ ﷿ في ذلك مِن قولِهم: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ إلى قولِه: ﴿لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾ (٢).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن عاصمِ بن عمرَ بن قتادةَ، قال: لما أصابَ اللهُ قريشًا يومَ بدرٍ، جمَع رسولُ اللهِ ﷺ يهودَ في سوقِ بنى قَيْنُقاعَ حينَ قدِم المدينةَ. ثم ذكَر نحوَ حديثِ أبى كُريْبٍ، عن يونُسَ (٣).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: كان مِن أمْرِ بنِى


(١) في سنن أبى داود: "تلق".
(٢) أخرجه أبو داود (٣٠٠١)، والبيهقى في الدلائل ٣/ ١٧٣، ١٧٤ من طريق يونس به.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٠٤ (٣٢٣٤) من طريق سلمة به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩، ١٠ إلى ابن إسحاق.