للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَيْنُقاعَ، أن رسولَ اللهِ جمعَهم بسوقِ بنى قَيْنُقاعَ، ثم قال: "يا معشرَ اليهودِ، احذَرُوا مِن اللهِ مثلَ ما نزَل بقريشٍ مِن النِّقْمةِ، وأسْلِمُوا، فإنكم قد عرَفْتُم أنى نبيٌّ مُرْسَلٌ، تَجِدُون ذلكَ في كتابِكم، وعَهْدِ اللهِ إليكم". فقالوا: يا محمدُ، إنك تَرَى أنَّا كقومِك (١)! لا يَغُرَّنَّك أنك لقِيتَ قومًا لا عِلْمَ لهم بالحربِ، فأصَبْتَ فيهم فُرْصةً، إنَّا واللهِ لَئنْ حارَبْناك لَتَعْلَمَنَّ أنا نحن الناسُ (٢).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن محمدِ بن أبى محمدٍ مولَى آلِ زيدِ بن ثابتٍ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ أو عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، قال: ما نزَلَتْ هؤلاء الآياتُ إلا فيهم: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ إلى ﴿لِأُولِي الْأَبْصَار﴾ (٣).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، عن عكرمةَ في قولِه: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾. قال فِنْحاصُ اليهوديُّ في يومِ بدرٍ: لا يَغُرَّنَّ محمدًا أنْ غلَب قريشًا وقتَلهم، إنّ قريشًا لا تُحْسِنُ القتالَ. فنزَلَت هذه الآيةُ: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ (٤).

قال أبو جعفرٍ: فكلُّ هذه الأخبارِ تُنْبِئُ (٥) عن أن المخاطَبِين بقولِه: ﴿سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ هم اليهودُ المَقولُ لهم:


(١) في سيرة ابن هشام: "قومك".
(٢) سيرة ابن إسحاق ص ٢٩٤ (٤٩٦)، وسيرة ابن هشام ٢/ ٤٧، وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٤٧٩.
(٣) ابن إسحاق ص ٢٩٤ (٤٩٧)، وسيرة ابن هشام ٢/ ٤٧.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٠ إلى المصنف وابن المنذر.
(٥) في س: "تبين".