للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخاطَبِين بقولِه: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ﴾. قالوا: وهم اليهودُ، غيرَ أنه رجَع مِن المخاطَبةِ إلى الخبرِ عن الغائبِ؛ لأنه أمْر مِن اللهِ جلّ ثناؤُه لنبيِّه أن يَقولَ ذلك لهم، فحَسُن أن يُخاطِبَ مَرَّةً، ويُخْبِرَ عنهم على وجهِ الخبرِ مرةً (١) أخرى، كما قال: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ [يونس: ٢٢].

وقالوا: فإن قال لنا قائلٌ: فكيف قيل: ﴿يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾ وقد علِمْتُم أن المشركينَ كانوا يومَئذٍ ثلاثةَ أمثالِ المسلمين؟. قلْنا لهم: كما يقولُ القائلُ وعندَه عبدٌ: أحْتاجَ إلى مثلِه. فأَنت (٢) مُحتاجٌ إليه وإلى مثلِه. ثم يقولُ: أَحْتاجُ إلى مِثلَيْه. فيَكونُ ذلك خبرًا عن حاجتِه إلى مثلِه، وإلى مثلَىْ ذلك المثلِ. وكما يقولُ الرجلُ: معى ألفٌ، وأحْتاجُ إلى مثلَيْه. وهو مُحتاجٌ إلى ثلاثةٍ .. فلمَّا نوَى أن يَكونَ الألفُ داخلًا في معْنى المثلِ، صار المثلُ اثنين (٣)، والاثنان ثلاثةً. قال (٤): ومثلُه في الكلامِ: أَراكم مثلَكم. [كأنه قال: أراكم] (٥) ضِعْفَكم، و: أَراكم مثلَيْكم. يعنى: أَراكم ضِعْفَيْكم (٦). قالوا: فهذا على معْنى ثلاثةِ أمثالِهم (٧).

وقال آخَرون: بل معنى ذلك أن اللَّهَ أَرَى الفئةَ الكافرةَ عددَ الفئةِ المسلمةِ مثلَىْ عددِهم.


(١) سقط من: س، وفى ص: "عن عانه" غير منقوطة، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "عن غاية".
(٢) في م: "فأنا".
(٣) في النسخ: "أشرف". والمثبت من معاني القرآن للفراء ١/ ١٩٤.
(٤) أي: الفراء، وينظر الموضع السابق من معاني القرآن.
(٥) في النسخ: "كما يقال إن لكم". والمثبت كما في معاني القرآن.
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ضعفكم".
(٧) قال القرطبي في تفسيره ٤/ ٢٧: وهو بعيد غير معروف في اللغة، قال الزجاج: وهذا باب الغلط، فيه غلط في جميع المقاييس؛ لأنا إنما نعقل مثل الشئ مساويا له، ونعقل مثليه ما يساويه مرتين.