للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقدَاحِهم، فرَمَوْا (١) بها في نهرِ الأُرْدُنِّ، فقال بعضُ أهل العلم: ارْتَزَّ (٢) قِدْحُ زكريا، فقام فلم يَجْرِ به الماءُ، وجرى بقِداحِ الآخرين الماءُ، فجعل اللهُ ذلك لزكريا عَلَمًا (٣) أنه أحقُّ المُتنازعين فيها بها (٣).

وقال آخرون: بل صعد (٤) قِدْحُ زكريا في النهر، وانْحَدَرت قداحُ الآخرين مع جرْيَة الماءِ و (٥) ذَهَبت، فكان ذلك له علمًا مِنَ اللهِ في أَنه أَوْلَى القومِ بها.

وأيُّ الأمْرَيْن كان من ذلك، فلا شكَّ أن ذلك كان قضاءً من الله بها لزكريا على خصومِه بأنه أولاهم بها. وإذا كان ذلك كذلك، فإنما ضَمَّها زكريا إلى نفسه بضَمِّ الله إياها إليه، بقضائِه له بها على خُصومه عندَ تَشاحِّهم فيها، واخْتِصامِهم في أَوْلاهم بها.

وإذا كان ذلك كذلك، كان بيِّنًا أن أوْلَى القِراءتَين بالصواب ما اخْتَرْنا مِن تشديد ﴿وَكَفَّلَهَا﴾.

وأما ما اعْتَلَّ به القارئون ذلك بتَخْفيف الفاءِ مِن قولِ اللهِ: ﴿أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ [آل عمران: ٤٤]. وأن ذلك مُوجِبٌ صِحَّةَ اختيارهم التَّخفيف في قوله: ﴿وَكَفَّلَهَا﴾، فحُجةٌ دالةٌ على ضَعْفِ احتيال (٦) المُحتجِّ بها، وذلك أنه غيرُ مُمْتَنِعٍ ذو


= وشاحه فيها: مثل قولهم: تشاحَّا على الأمر. أي تنازعاه. وفلان يُشاحُ على فلان. أي يضنُّ به. تاج العروس (ش ح ح، ق ر ع).
(١) في م، ت ١: "رموا".
(٢) في م: "رتب". وارْتَزّ: من رزَّ الشيءَ في الأرض وفى الحائط يَرُزُّه رَزًّا فارتزّ: أثبته فثَبَت. وأما رتب فمن: رتب الشيء، أي: ثبت فلم يتحرك. اللسان (ر ت ب، ر ز ز).
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢.
(٤) في ص: "صاعد". ولعل صوابها: اصاعد.
(٥) في ص كلمة غير واضحة، وفي ت ١، ت ٢: "هي".
(٦) في م: "اختيار".