للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ أبي حَمَّادٍ، عن مُعاذٍ الكُوفيِّ، قال: مَن قرَأ: ﴿يُبَشِّرُهُمْ﴾ [التوبة: ٢١]. مُثَقَّلَةً، فإنه من البِشارةِ. ومَن قرَأ: (يَبشُرُهم). مُخَفَّفَةٌ بنَصْبِ الياء، فإنه من السرور يَسُرُّهم (١).

والقراءةُ التي هي القراءةُ عندنا في ذلك ضَمُّ الياء وتشديدُ الشين، بمعنى التَّبشير؛ لأن ذلك هي اللغةُ السائرةُ والكلامُ المستفيضُ المعروفُ في الناسِ، مع أنّ جميعَ قرأةِ الأمصارِ مُجْمِعون في قراءة: ﴿فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ [الحجر: ٥٤]. على التشديدِ.

والصوابُ في سائرِ ما في القرآنِ مِن نظائرِه أن يكونَ مثلَه في التشديدِ وضَمِّ الياء.

وأما ما رُوى عن معاذٍ الكوفيِّ مِن الفرق بينَ معنى التخفيفِ والتشديدِ في ذلك، فلم نَجِدْ أهلَ العلمِ بكلامِ العربِ يَعْرِفونه من وجهٍ صحيحٍ، فلا معنَى لما حُكِى من ذلك عنه، وقد قال جريرُ بنُ عطيةَ (٢):

يا بِشْرُ حُقَّ لوجْهِكَ (٣) التَّبْشِيرُ … هَلَّا غَضبتَ لنا وأنت أميرُ

فقد عُلِم أنه أراد بقوله: التبشيرُ. الجمالَ والنَّضارة والسرور. فقال: التبشيرُ. ولم يقل: البِشْرُ. فقد بيَّن ذلك أن معنَى التخفيفِ والتثقيلِ في ذلك واحدٌ.

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة قوله: ﴿أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ﴾. قال: شافَهَتْه (٤) الملائكةُ بذلك (٥).


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢١ إلى المصنف.
(٢) ديوانه ١/ ٣٦٦.
(٣) في م: "لبشرك"
(٤) في ص، ت ٢: "سا" وبعده بياض بقدر نصف كلمة، وفى م، ت ٣: "بشرته"، وفى ت ١: "قال"، وفى س: "ثنا بذا"، والمثبت مما سيأتي في ص ٣٨٦، وهى كذلك في تفسير عبد الرزاق.
(٥) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٢٠.