للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَبْشيرِ اللهِ زكريّا بالولد، من قولِ الناسِ: بَشَّرَتْ فلانًا البُشْرَى بكذا وكذا. أي: أتَتْه بشاراتُ البُشَرَاءِ (١) بذلك.

وقرَأ ذلك جماعةٌ مِن قَرأَةِ الكوفة وغيرُهم: (إِنَّ اللَّهَ يَبْشُرُكَ) بفَتْحِ الياءِ وضَمِّ الشين وتخْفيفِها (٢)، بمعنى أن الله يَسُرُّكَ بولدٍ يَهَبُهُ لك، من قول الشاعرِ (٣):

بَشَرْتُ عِيالى إِذْ رأيتُ صَحِيفةً … أَتَتْكَ مِن الحَجاجِ يُتْلَى كِتابُها

وقد قيل: إِنَّ "بَشَرْتُ" لغةُ أهلِ تِهامةَ مِن كِنانةَ وغيرهم من قريشٍ، وأنهم يقولون: بَشَرْتُ فلانًا بكذا، فأنا أبشُرُه بَشْرًا. و: هل أنتَ باشِرٌ بكذا؟ ويُنشَدُ لهم البيت في ذلك (٤):

وإذا رأيتَ الباهِشِين (٥) إلى العُلا … غُبْرًا أَكُفُّهُمُ بِقاعٍ مُمْحِلِ

فَأَعِنْهُمُ وَابْشُرْ بَمَا بَشَرُوا به … وإذا هُمُ نَزَلُوا بِضَنْكٍ فَانْزِلِ

فإذا صارُوا إلى الأمر، فالكلامُ الصحيحُ من كلامِهم [بلا ألفٍ] (٦) فيقالُ: ابشُرْ فلانًا بكذا. ولا يَكادُون يقولون: بشِّرْه بكذا. ولا: أبشِرْه.

وقد رُوِى عن حُمَيدِ بن قيسٍ أنه كان يقرأُ: (يُبْشِرُكَ) بضمِّ الياء، وكَسْرِ الشين وتخفيفها (٧).


(١) النسخ: "البشرى"، والمثبت من معاني القرآن للفراء ١/ ٢١٢.
(٢) وهى قراءة حمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ٢٠٦.
(٣) معاني القرآن للفراء ١/ ٢١٢.
(٤) البيت لعبد قيس بن خقاف البرجمى، وهو في معاني القرآن للفراء ١/ ٢١٢. والمفضليات ص ٣٨٥، والأصمعيات ص ٢٣٠.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، س: "الناهشين". والبَهْش: المسارعة إلى أخذ الشيء. تاج العروس (ب هـ ش).
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بالألف".
(٧) مختصر الشواذ لابن خالويه ص ٢٦.