للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَجُزْ أن يقالَ: طلحةُ أقبلَت، ومغيرةُ قامت.

وأنكر بعضُهم اعتلالَ مَن اعتَلَّ في ذلك بذى الثُّدَيَّةِ، وقالوا: إنّما أُدخِلت الهاءُ في ذى الثُّدَيَّةِ لأنه أُريد بذلك القطعةُ من الثَّدْي، كما قيل: كنَّا في لحمةٍ ونَبيذة. يُرادُ به القطعةُ منه.

وهذا القولُ نحو قولِنا الذي قلناه في ذلك.

وأمَّا قولُه: ﴿اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾. فإنه جل ثناؤُه أنبَأ عبادَه عن نسبةٍ عيسى، وأنه ابن أمِّه مريمَ، ونفَى بذلك عنه ما أضاف إليه المُلْحِدون في اللهِ جل ثناؤُه مِن النصارى، مِن إضافتهم بُنُوَّتَه إلى الله ﷿، وما قرَفت (١) أمَّه به المُفْتَرِيةُ عليها من اليهود.

كما حدَّثني به ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزُّبيرِ: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ أي: هكذا كان أمرُه، لا ما يقولون فيه (٢).

وأمَّا "المسيحُ"، فإنه فَعِيلٌ، صُرِف مِن مفعولٍ إلى فعيلٍ. وإنما هو ممسوحٌ، يعنى: مسَحه الله فطهَّره من الذنوبِ. ولذلك قال إبراهيمُ: المسيحُ الصدِّيقُ.

وقال آخرون: مُسِح بالبركةِ.

حدَّثنا ابن وَكيعٍ، قال: ثنا أبي، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن إبراهيم مثلَه (٣).


(١) في م: "قذقت"، وفى س: "فرقت". وقرفت: اتهمت ورمت. تاج العروس (ق ر ف).
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٥٨٠.
(٣) تفسير سفيان ص ٧٧، ٧٨ - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٧/ ٣٥٩ - وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٥١ (٣٥١٦)، وابن عساكر ٤٧/ ٣٥٩ من طريق وكيع به.