للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرِ استخراجٍ ولا طلبٍ لمعرفتِه باحتيالٍ، ولكن ابتدَاءً بإعلامِ اللهِ إياه، مِن غيرِ أصلٍ تقدَّم ذلك احْتَذَاه، أو بنَى عليه أو فزِع إليه، كما يَفْزَعُ المتنجِّمُ إلى حسابِه، والمتكهِّنُ إلى رَئِيِّه، فذلك هو الفصلُ بينَ عِلمِ الأنبياءِ بالغيوبِ وإخبارِهم عنها، وبينَ علمِ سائرِ المتكذِّبةِ على اللهِ، أو المدَّعيةِ علمَ (١) ذلك.

كما حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سَلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: لما بلَغ عيسى تسعَ سنينَ أو عَشْرًا أو نحوَ ذلك، أدْخَلَتْه أُمُّه الكُتَّابَ، فيما يَزْعُمون، فكان عندَ رجلٍ مِن المُكْتِبينَ يُعَلِّمُه كما يُعَلِّمُ الغِلمانَ، فَلَا يَذْهَبُ يُعَلِّمُه شَيئًا مما يُعَلِّمُه الغلمانَ إلا بَدَره إلى علمِه قبلَ أن يُعَلِّمَه إياه، فيَقُولُ: ألا تَعْجَبون لابنِ هذه الأرملةِ، ما أَذْهَبُ أُعَلِّمُه شيئًا إلا وجَدتُه أعلمَ به منّى (٢).

حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسْباطُ، عن السُّدِّيِّ: لمّا كَبِر عيسى أسلَمته أمُّه يَتَعَلَّمُ التَّوْراةَ، فكان يَلْعَبُ مع الغِلمانِ، غِلمانِ القريةِ التي كان فيها، فيُحَدِّثُ العلمانَ بما يَصْنَعُ آباؤُهم (٢).

حدَّثني يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قال: ثنا هُشَيمٌ، قال: أخبَرنا إسماعيلُ بنُ سالمٍ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ في قولِه: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ قال: كان عيسى ابن مريمَ إذْ كان في الكُتّابِ يُخْبِرُهم بما يَأْكُلون في بُيوتِهم وما يَدِّخِرون.

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا هُشَيمٌ، قال: أخبَرنا إسماعيلُ بنُ سالمٍ، قال: سمِعتُ سعيدَ بنَ جبيرٍ يقولُ: ﴿وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "علي".
(٢) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ٤٣٣.